كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
المعروقة والكتب المنقولة نقلا صحيحا.
ثم إن هؤلاء لهم حالان: تارة يرون تحريف النصوص على وفق
آرائهم، ويسفون ذلك تاويلا، وتارة يرون الاعراض عن تدبرها وعقلها،
ويسمونه تفويضاه فهم بين التحريف والامية، منهم من يوجب هذا،
ومنهم من يوجب هذا، ومنهم من يستحب هذا، ومنهم من يستحب
هذا، ومنهم من يوجب و يستحب هذا لطائفة وهذا لطائفة، أو هذا في
حال وهذا في حال.
وكثير من الناس لا يجمع هذه الصفات الاربعة المذمومة، بل يكون
منها خصلة أو خصلتان: إما الأمية واما التحريف وإما الكتمان أو غير
ذلك، ثم من كان مؤمنا لا يكون هذ حاله في جميع القرآن، لكن في
بعضه أو في كثيرٍ منه، كما عليه طوائف من أهل الكلام ومن اتبعهم،
وربما فعل ذلك في أكثر القرآن، كحال الفلاسفة من القرامطة والباطنية
ونحوهم.
ثم اعلم أن طريقة التحريف لا تسلك ابتداء، لان تفسير الكلام
بخلاف مقتضاه لا يقبله القلب إلا بموجب، بل تسلك ابتداء طريقة
الكلام والكتاب المضاف إلى الدين وليس منه، وهو ما يسمونه
المعقولات التي هي المجهولات، ويجعلون ذلك هو الاعتقاد وأصول
الدين التي أمر الله بها، والحكمة الحقيقية والعلوم اليقينية التي ينبغي
للفصلاء تحصيلها، ويصدون الناس عن القران بالطريقة الامية،
ويتفاوضون فيما بينهم بطريقة التحريف.
ولهذا يقررون أن الادلة اللفظية لا تفيد اليقين، فإن هذا يمنع ما أمر
الله به من عقله وتدبره وتذكره والتفكر فيه، ويجعل الطريقة الامية حجهي،
23