كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

أوجب مجموع هذا على مجموع الامة.
فمن كان يرى أن الذي أمر الله به [إما] ن تكون الامة كلها أمية لا
تعقل معاني الكتاب، واما أن يكون فيها من يحرفه بالتأويلات المبتدعة،
فهو ممن يدعو إلى الاعراض عن معاني كتاب الله ونسيانها. ولهذا صار
هؤلاء ينسون معانيه حقيقة كما ينسى اللفظ، فلا يخطر بقلوبهم المعنى
الذي أراده الله ولا يتفكرونه، وهذا نسيان حقيقي لمعاني كتاب الله، وإن
كان فيهم من يحفط حروفه.
ولهذا قال النبي! ييه في الحديث الذي رواه الترمذي والدارمي (1)
وغيرهما: "هذا أوان يقبض العلم "، فقال زياد بن لبيد: يا رسول الله!
كيف يقبض وقد قرأنا القران، فوالله لنقرأله ولنقرئنه أبناءنا ونساءنا،
فقال: "إن كنت لاحسبك من أفقه أهل المدينة، أو ليست التوراة
والانجيل عند اليهود والنصارى فما أغنت عنهم؟ إ". بين! ي! أن وجود
الكتب المسطورة والحروف المسموعة المقروءة بالاصوات المسموعة
لا تغني من العلم شيئا إذا لم يقترن بها فهمه وفقهه ومعرفته.
ولهذا قال عبدالله بن مسعود: "إنكم في زمان كثير فقهاوه قليل
قراوه - وفي رواية: كثير فقهاوه قليل خطباوه -كثير معطوه قليل سائلوه،
وسيأتي عليكم زمان كثير قراوه و خطباوه قليل فقهاوه قليل معطوه كثير
سائلوه " (2). فبين أن الزمان المحمود هو الذي يكون [فيه] فقهاء يفقهون
معاني القراءة والخطاب، أما كثرة من يقرأ القول ويتكلم بالخطاب بلا
__________
(1)
(2)
خرجه الدارمي (294) والترمذي (2653) عن أبي الدرداء. وقال الترمذي:
هذا حديث حسن غريب.
خرجه أبو خيثمة في العلم (109).
25

الصفحة 25