كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فان الحي لا تومن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد! ي! أبر هذه الامة
قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبئه واقامة
دلنه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدي
المستقيم ".
وهذا القدر الذي ذكرناه - من أن المقصود بالقران معانيه ومن ذ م
المعرض عن معناه - هو أجل في نفسه وأظهر معرفة من أن يحتاج إلى
بسط، فاذا كان كذلك فمن أعرض عن معناه بالكلية فهو معرض عن البر
المقصود منه، ومن أعرض عن معاني كثير منها فهو معرض عن كثير
منه، فاذا كان يامر بذلك الاعراض ويرغب فيه فهو أمر بالاعراض عن
القران وأمر بنسيانه وتركه، ومعلوم أن هذا كفر صريح. واذا كان يقول:
إنه ليس بمعرض عن معناه، ويتأوله على غير تأويله، ويقول: هذه
معانيه، ويأتي بمعان تضاد معانيه، فهو منافق كاذب، بمنزلة من يقول:
أنا ؤمن بحروفه، وأتى بكلام ليس هو القران وقال: هذا هو القران، فهو
منافق كاذب، ولهذا كان أضر وأخبث، فان الاول بمنزلة الكافر المعرض
عن المسلمين، والثاني بمنزلة المنافق الذي أظهر الايمان وفعل في
المسلمين ما ينافي الايمان.
ولهذا كان مبدأ هذه البدع الكبار -مثل الرفض والتجهم ونحو
ذلك - من منافقين زنادقة أبطنوا الكفر وأظهروا الاسلام، وجاء في
الحديث من غير وجه: "إن أخوف ما خاف عليكم زكة عالم، وجدال
منافق بالقران، وأئمة مضلون " (1). وهذه الثلاثة تتفق في الامور الخبرية
__________
(1)
أخرجه الطبراني في الصغير (85/ 2) عن معاذ، وفي إسناده عبدالحكيم بن
منصور وهو متروك.
29

الصفحة 29