كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
والصنف الثاني: المقلد المنقاد بلا بصيرة ويقين، مثل ما يوجد في
كثير من العلماء والفقهاء الذين لهم ذكاء وصحة إيمان. وانما ذكر الثالث
لان النفس يكون ذنبها تارة بالجهل، وتارة بالظلم، إما بالقوة الشهوانية،
وإما بالقوة الغضبية، فهؤلاء أهل الاعتداء في القوة الغضبية بالكبر
والطعن هم القسم الاول، والجهال هم المقلدون وهم القسم الثاني،
و هل الشهوة هم القسم الثالث.
ثم ذكر خلفاء الرسل القائمين بحجح الله وبئناته، فقال: "لن تخلو
الارض من قائم لله بحجته، لكيلا تبطل حجج الله وبيناته ". ومعلوم أ ن
الله تعالى إنما أقابم الحجة على حلقه برسله، فقال: < لملاليهون للناس عل
الله حجتما بعد الرسل) [الانساء/ 165]، فلم يبق لهم بعد الرسل حجة، وانما
تقوم الحجة في مغيبهم ومماتهم بمن يبلغ عنهم، كما قال: " لكيلا تبطل
حجج الله وبيناته "، ولا تقوم الحجة حتى يبلغ اللفط والمعنى جميعا، إ ذ
تبليغ اللفط المجرد الذي لا يدل على المعنى المقصود لا تقوم به حجة،
بل وجوده كعدمه. فالقائمون بحجة الله هم المبلغون لما جاءت به
الرسل لفظا ومعنى، ولهذا قال: " وبيناته " وهي ما يبين الحق.
ثم وصفهم فقال: "هم الاقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا،
هجم بهم العلم على حقيقة الامر، فاستلانوا ما استوعره المترفون،
و نسوا بما استوحش منه الجاهلون ". فانه قد ذكر أن من سوى هؤلاء
جاهل أو مترف، والمرء عدو ما جهل، فيستوحش مما عداه وينفر عنه،
كما يصيب المكذبين ببعض ما جاءت به الرسل من استيحاشهم لكثير منه
لجهلهم به، وكما يصيب المؤمن بلفظ الجاهل بمعناه، و ما العلماء
فكما قال الله تعالى: < ويرى ا ين وتوا العلم الذي أنزل قك من رفي هو
33