كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الحق > 1 سبا/ 6]. والمترف هو الذي ترك العمل بعلمه واستحسن ذلك،
كما تقدم في وصف صاحب الاعتداء في كبره وشهوته. فأخبر أن هؤلاء
علموا ما جاءت به الرسل، فأنسوا به وعملوا بذلك واستلانوه، فقال:
"فاستلانوا ما استوعره [المترفون]، وأنسوا بما استوحش منه
الجاهلون ".
وهذه صفة أئمة الهدى من الصحابة والتابعين، كسعيد بن المسيب
والحسن البصري وعمر بن عبدالعزيز، ومن بعدهم مثل الثوري ومالك
وابراهيم بن أدهم وعبدالله بن المبارك وفضيل بن عياض ونحوهم،
وعبدالرحمن بن مهدي ويحتى بن سعيد وعبدالله بن وهب و بي سليمان
الداراني ومعروف الكرخي والشافعي ونحو هؤلاء. ثم كان من أقوم
هؤلاء بهذه المنزلة في وقته أحمد بن حنبل ومن يقاربه في ذلك،
كإسحاق بن راهويه وأبي عبيد وبشر بن الحارث الحافي وغير هؤلاء.
فان الامام أحمد كما قال فيه أبو عمر النحاس الرملي (1) رحمه الله: " عن
الدنيا ما كان أصبره! وبالماضين ما كان أشبهه! أتته الدنيا فأباها، والبدع
فنفاها"، فهو من أعظم من أنس بما استوحش منه الجاهلون، واستلان ما
استوعره المترفون.
وهؤلاء و مثالهم من الائمة كما قال الله تعالى فيهم: < وجعقناضنهم
مة يهدون بأمرنا لضا صبروآ وكانوا ئايلنا يولمحنون!) [السجدة/ 24].
فأيهم كان أعظم يقينا بايات الله وصبزا (2) على الحق فيها كان أعظم إمامة
عند الله من غيره، ومن مثل هؤلاء يؤخذ تفسير القران والحديث، كما
__________
(1) انظر سير اعلام النبلاء 198/ 11 وفيه: ابو عمير بن النحاس.
(2) في الاصل: "صبروا".
34

الصفحة 34