كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
المخاطب لنا المكذب بما (1) جاءنا عن نبينا إما أن يناظر بالعلم والعدل،
واما أن يباهل، إن ادعي أن عنده من العلم مالا يمكنه المناظرة به، فان
امتنع منهما فاما أن ينقاد، وإلا فقد بان ظلمه وكذبه، واستحق ما يستحفه
الكاذب الظالم في هذا الباب.
وأما القسم الثاني - وهو طريق يقرر إفادة التواتر للعلم بالنظر
والاستدلال - فنقول: التواتر يفيد العلم بكثرة العدد تارة وبصفات
المخبرين أخرى، فان الواحد والاثنين ممن علم كمال عدله وضبطه
- كأبي بكر وعمر وابن مسعود وابن عمر - يفيد أخبارهم من العلم مالا
يفيده خبر عدد ليسوا مثلهم، وليعتبر كل واحد ذلك بما يعلم منه ذلك،
ولكن هذا إنما يوجد كثيرا في أهل السنة والعدل، و ما أهل الأهواء
فالكذب فيهم كثير (2). وتارة بحال المخبر عنه، وتارة بقوة إدراك المخبر
وقطنته، فإن الذكاء وقوة الادراك يحصل بهما من العلم مالا يحصل لمن
ليس له ذلك.
وإذا كان كذلك فالمخبرون بهذه الاخبار يتعين معرفة أحوالهم،
ولهذا تجد حال من علم حال مالك بن أنس وابن عمر يعلمون من صدق
روايتهم مالا يحصل لهم من رواية شعبة وقتادة والثوري. وأما أهل
الحديث فيعلمون أن الثوري كان أحفظ و بعد عن الغلط من مالك، وأن
مالكا أكثر تنقية للشيوخ من الثوري، فالثوري يروي عمن لا يروي عنه
مالك، فشيوخ مالك ثقات عنده بخلاف محدثي الثوري، فليس كلهم
ثقة عنده، وكان يسمع من الكلبي وينهى عن السماع منه ويقول: أنا أعلم
__________
(1) في الاصل: "لنا".
(2) في الاصل: "كثيرا".
41