كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وقد ذى أبو عمرو ابن الصلاح (1) القول الاول وصححه، ولكنه لم
يعرف مذاهب الناس فيه ليتقوى بها، وانما قاله بموجب الحجة. وظن
من اعترض عليه من المشايخ (2) الذين فيهم علم ودين وليس لهم بهذا
الباب خبرة تامة، لكنهم يرجعون الى ما يجدونه في مختصر أبي عمرو
ابن الحاجب ونحوه من مختصر أبي الحسن الامدي والمحصل ونحوه
من كلام أبي عبدالله الرازي وأمثاله، ظنوا أن الذي قاله الشيخ أبو عمرو
في جمهور أحاديث الصحيحين قول انفرد به عن الجمهور، وليس
كذلك، بل عامة أئمة الفقهاء وكثير من المتكلمين أو أكثرهم وجميع
علماء أهل الحديث على ما ذكره الشيخ أبو عمرو. وليس كل من وجد
العلم قدر على التعبير عنه والاحتجاج له، فالعلم شيء، وبيانه شيء
اخر، والمناظرة عنه واقامة دليله شيء ثالث، والجواب عن حجة مخالفه
شيء رابع.
والحجة على قول الجمهور أن تلقي الامة للخبر تصديقا وعملا
إجماع منهم، والامة لا تجتمع على ضلالة (3)، كما لو اجتمعت على
عموم أو أمر أو مطلق أو اسم حقيقة أو على موجب قياس، بل كما لو
اجتمعت على ترك ظاهر من القول، فإنها لا تجتمع على خطا، وان كان
ذلك لوجرد الواحد إليه نظره لم يأمن على الخطأ، فإن العصمة ثبتت
بالهيئة الاجتماعية، كما أن خبر التواتر كل من المخبرين يجؤز العقل
__________
(1) في علوم الحديث 24.
(2) منهم النووي في الارشاد 133/ 1، والعزبن عبدالسلام كما في لتقييد
و 1 لايضاج 28 والنكت لابن حجر 1/ 371.
(3) كما في الحديث الذي أخرجه الئرمذي (2167) عن ابن عمر، وله شواهد
يرتقي بها إلى الصحة.
44

الصفحة 44