كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
يعرف الحديث من المتكلمة ونحوهم، فهو كذلك يكون إجماعهم على
ذلك حجة قطعية، لان الاعتبار في الاجماع على كل أمر من أمور الدين
بأهل العلم به دون غيرهم. فكما لا يعتبر في الاجماع على الاحكام
الشرعية إلا العلماء بها وبطرقها، وهم الفقهاء في الاحكام دون النحاة
والأطباء، فكذلك لا يعتد في الاجماع على صدق الحديث وعدم صدقه
إلا بأهل العلم بطرق ذلك، وهم علماء الحديث العالمون بأحوال رسول
الله! و، الضابطون لاقواله و فعاله، العالمون بأحوال حملة (1) الاخبار،
فان علمهم بحال المخبر والمخبر عنه مما يعلمون به صدق الاخبار، كما
أن العلم المتفق على صدقه والفقيه والمتكلم والصوفي بالنسبة إلى
علماء الحديث كالمحدث والمتكلم بالنسبة إلى الفقيه، والجمهور على
أن هولاء لا يعتد بخلافهم، وقد قيل: إنه يعتد بخلافهم. فهكذا إذا
خالف أهل الحديث متكلم أو فقيه.
وهذا في خبر الواحد المختص بالذي لم يتواتر لا لفظه ولا معناه،
وقد علمت أن التواتر لا يشترط فيه عدد معين على القول الصحيح،
فيتصل بعض هذا القسم بالقسم الاول إذا كان ما رواه الواحد والاثنان قد
يحصل به العلم، فيكون متواترا باعتبار صفاتهم وغيرها من القرائن
والضمائر، وكثير من الناس لا يسميه متواترا، بل يجعل ما رواه الاربعة
من أخبار الاحاد مطلقا، ويتوقف فيما رواه الخمسة، كما يقوله القاضي
أبو بكر والقاضي أبو يعلى في بعض كتبه. وللناس في العدد أقوال
كثيرة: سبعة، واثنا عشر، وأربعون، وثلاثمئة وبضعة عشر، وغير ذلك
مما حكيت، ولا علم بها قائلا معينا ولا حجة تذكر.
__________
(1) في الاصل: "جملة " تصحيف.
47