كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
والقسم الثالث: خبر الواحد العدل الضابط الذي يجب قبوله
والعمل به على المسلمين، ليس كل خبر من كل عدلي ضابط، بل الخبر
الذي أوجبت الشريعة تصديق مثله والعمل به، فهذا في إفادة العلم به
قولان هما روايتان [عن أحمد]:
إحداهما: أنه يفيد العلم أيضا، وهو إحدى الروايتين عن مالك،
وقول الحارث المحاسبي وغيره، وقول محمد بن خويز منداد، وقول
طوائف من أهل الحديث وأهل الظاهر، وطائفة من أصحاب أحمد.
والثانية: لا يوجب العلم ولا يحلف على مضمونه، وهذا قول
جمهور أهل الكلام وأكثر متأخري الفقهاء وطوائف من أهل الحديث،
لان ذلك العدل يجوز عليه الكذب عمدا أو خطأ، والعمد قد يعلم
انتفاوه، لكن الخطا لا يعلم انتفاوه، فان الانسان قد يخطىء سمعه، وقد
يخطىء فهمه لما سمعه، وقد يخطىء ضبطه له وحفظه، وقد يخطىء
لسانه في تبليغه. فمع هذه التجويزات لا يقطع بعدمها.
وللأولين حجج ليس هذا موضع استقصائها، إذ هم لا يجعلون
حصول العلم بهذا من جهة العادة المطردة في حق الكفار وغيرهم، كما
يقوله المتكلمون في التواتر الذي يحصل العلم فيه بخبر الكفار
والفساق، وإنما يقولون: هذا من باب حفظ الله تعالى للذكر الذي بعث
به رسوله وعصمته لحجته أن يوجب على الأمة اتباع ما يكون باطلأ، إ ذ
لو جاز ذلك ولم يبق بعد محمد نبي يبين الخطأ لم تقم حجة الله على أهل
الارض في ذلك، ولكان قد أوجب الله على الناس أن يقولوا على ماهو
في نفس الامر كذبا، ويقولون: متى كان المحدث قد كذب أو غلط
فلابد أن ينصب الله حجة يبين بها ذلك، كما قال بعض
48