كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
القران ولا العقل كما سنبين ذلك.
فان قيل: من الناس من يقول: هذه المسائل العلمية التي أمرنا ن
نقول فيها بالعلم متى لم يكن الدليل عليها علميا قطعنا ببطلانه، فلهذا
يجب رد كل خبر أو دليل لا يفيد علما في باب الخبر عن صفات الله،
ومنهم من يطرد ذلك في صفات المخلوقات كالأرضين والسماوات ه
قلنا: لا ريب أن هذا الكلام قد يطلقه كثير من أهل النظر، كالقاضي
أبي بكر وابن عقيل والمازري ونحوهم، وقد أطلقه قبلهم كثير من
متكلمة المعتزلة وغيرهم، وقد أنكر ذلك عليهم كثير من أرباب النظر
وقالوا: العلم بالعدم غير عدم العلم، وعدم الدليل غير دليل العدم،
وهذا قول أكثر الفقهاء وأهل الحديث و هل الكلام.
وفصل الخطاب أن نقول: لا يخلو إما أن يكون الموضع مما أوجب
الله علينا فيه العلم، أو وجبت مشيئته وسنته فيه العلم، وإما أن لا يكون
مما يجب فيه العلم لا شرعا ولا كونا.
فإن كان الأول مثل ما أوجب الله علينا ن نعلم ان لا إله هو، و ن الله
شديد العقاب، و ن الله غفور رحيم، و نه على كل شيء قدير، وأنه قد
أحاط بكل شيء علما، فلا بد ن ينصب سببا يفيد هذا العلم، لتلا يكون
موجبا علينا مالا نقدر على تحصيله، وأن لا يكلفنا مالا نطيقه له إذا أردنا
تحصيله. ففي مثل هذا إذا لم يكن الدليل موجبا للعلم لم يكن صحيحاه
وكذلك ما اقتضت مشيئته وسنته العلم به، مثل الامور التي جرت سنته
بتوفر الهمم والدواعي على نقلها نقلا شائعا، فاذا لم ينقل فيعلم انتفاوها
وكذب الواحد المنفرد بها.
وأما ما لم يجب فيه العلم لا وجوبا دينيا ولا وجوبا كونيا فلا يعلم
51