كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

بطلان ما أفاد فيه غلبة الظن، فان اليقين له أسباب، وللطن الغالب
أسبالب، والتكذيب بما لم يعلم أنه كذب مثل التصديق بما لا يعلم أنه
صدق، والنفي بلا علم بالنفي مثل الإثبات بلا علم بالاثبات، وكل من
هذين قو 4 بلا علم. ومن نفى مضمون خبر لم يعلم أنه كذب فهو مثل من
أثبت مضمون خبر لم يعلم أنه صدق، والواجب على الانسان فيما لم
يقم فيه دليل أحد الطرفين أن يسرحه إلى بقعة الإمكان الذهني، إلى أ ن
يحصل فيه مرجح أو موجب، والا يكون قد سكت عما لم يعلم، فهو
نصف العلم. فرحم الله امرأ تكلم فغنم أو سكت فسلم (1)، ومن كان
يؤمن بالده واليوم الاخر فليقل خيرا أو ليصمت (2)، واذا أخطأ العالم لا
أدري أصيبت مقاتله (3).
واذا كان كذلك فنحن لم يجب علينا قط أن نعلم جميع ما لده من
معاني أسمائه، ولا أن نعلم جميع صفاته، ولا أن نعلم صفات
مخلوقاته، ولا مقادير وعده ووعيده وصفات ذلك، ولا إحدى سننه،
فان سبب العلم بذلك [قدلا] يكون مشهورا، ولا قام دليل على نفي ما
نعلمه من ذلك، فاذا جاءنا خبر يغلب على الظن صدقه صدقناه في غالب
الظن، وإن غلب على الظن كذبه كذبناه، وان لم يعلم واحد منهما توففنا
فيه.
ويجوز لنا أن نرويه إذا لم نعلم أنه كذب، لكن متى علمنا أنه كذب
__________
(1) كما في الحديث الذي خرجه البيهقي في "شعب الإيمان " (4938) عن أنس بن
مالك.
(2) أخرجه البخاري (6136،6138) ومسلم (47) عن أبي هريرة.
(3) رواه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم 2/ 54 من قول ابن عباس وابن عجلان.

الصفحة 52