كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
فصل
وأما السوال] لثاني - وهو قوله: ليست الاحاديث نصوصا في ذلك،
بل هي ظاهرة قابلة للتأويل - فهذا كلام مجمل نقابله بجواب مجمل،
وهو أن نقول: كل موضع قطعنا بمضموني فالنصوص فيه قطعية، وما
[لم] نقطع بمضمونه فقد تكون الدلالة فيه ظاهرة وقد تكون قطعية، وما
لم يتبين لنا كونها قطعية يكون الدليل في نفسه موجبا للقطع والاعتقاد
الراجح غير حصول العلم، وذلك أن الادلة هي في نفسها على صفات
تفيد العلم باتفاق الناس، وأما إفادتها فهل هو لصفات هي عليها أ م
بحسب الاتفاق؟ الجمهور على القول الاخر، وأما المؤثمة للمخطىء
والمعتقدون أن من لا إثم عليه لم يخطىء -كابن الباقلاني ونحوه -
فيقولون: ليس في الظنون تفاوت ولا عليها أمارات تقتضيها. وهذا غلط
عند جمهور الناس، بل للظن أسباب كما للعلم أسباب.
واذا كانت الادلة هي في نفسها على صفات تقتضي ذلك فان ذلك
يختلف أيضا باختلاف قوى الإدراك وباختلاف كمال النظر، فالحاذ
الذهن الصبور على استيفاء النظر يحصل له من العلم والظن بأنواع من
الادلة والامارات ما لا يحصل لمن [لم] يقو قوىله ولم يصبر صبره. وما
لم يكن قطعيا بل دلالته ظاهرة، ليس للانسان أن يصرفه عن ظاهره إلا
مع وجود المقتضي لذلك، السالم عن المعارض المقاوم، فالمقتضي
مثل قيام دليل يبين لنا مراد المتكلم من الأدلة الشرعية ونحوها، كالعام
الذي بين معناه الخاص.
وكذلك لو فرضنا وجود دليل عقلي قطعي يعارض ظاهر الادلة
الشرعية التي ليست قطعية لوجب تقديم القطعي على الظني، ولجزمنا
54