كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
كان مع اللفظ الاول قرائن تركها، بحيث يكون اللفظ مشتركا، والمتكلم
أراد به معنى مع قرائن، والراوي فهم معنى آخر، و خبر به مع قرائن تفيد
ذلك المعنى، فالجمع بين المتفرق في الدلالة والفرق بين المجتمع فيها
قد يحيل المعنى.
ولهذا قال العلماء كاحمد وغيره في حديث الطويل إذا أراد الرجل
أن يفرقه ويروي بعضه، قالوا: لا يفعل ذلك فيما يرتبط المذكور منه
بالمتروك ارتباطا يحيل المعنى تفريقه، وذلك أن المستمع للكلام لا
يروي مجرد صوت غير معلوم المعنى، بل يروي لفظا له معنى، فاذا
ضبط اللفظ الدال على المعنى فقد يحفظ ذلك وقد ينساه، فلا تأتيه الآفة
إلا من الغلط في العلم أولا، أو من زوال العلم بعد حصولي بالنسيان،
والا فمتى علم ما سمع وحفظه لم يبق فيه إلا أن يتعمد الكذب، فالذين
يروون الخبر على اشتمال أمر باطل تارة يردونه ولا يقبلون أن النبي لمجي!
قاله، وتارة يفسرونه ويتأولونه بامور أخرى وإن خالف الظاهر.
فهذا القدر قد و من بعض الصحابة في مواضع، ومن التابعين
أكثر، وكلما تأخر الزمان كان وقوعه أكثر، لكن إذا تأمل العالم ما و
من الصحابة والتابعين وجد الصواب والحق كان في الخبر الصحيح،
وأن الذي غلط راويه برأيه كان هو الغالط، وإن كان عظيم القدر مغفورا
غلطه مثابا على اجتهاده. فاذا كان هذا حال أكابر الصحابة والتابعين
فكيف بمن يرد الاخبار بالتكذيب والتحريف من المتأخرين، أحسن
أحوال المؤمن العالم منهم أن يكون هو الغالط في تغليطه لما رواه
الثقات الأثبات عن رب السموات، ويكون هذا الغلط مغفوزا له
لاجتهاده، ويكون مثابا على ما فعله من حسن نيته وقصده وعلمه
57