كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الذين يحفط الله بهم حججه وبيناته.
ولهذا كان طائفة من علماء الامة وفقهائها الكبار يتحدثون دائما أنه
من قدر أن ياتي عن النبي! ي! بحديثين صحيحين متعارضين فلياتنا (1)،
ولن يجد أحد إلى ذلك سبيلا. وهذا القدر عام في الاحاديث الخبرية
المتعلقة بالعقائد والاصول الخبرية، وفي الأحاديث العملية المتعلقة
بالاعمال أصولها وفروعها، لا يستثنى من ذلك نوع واحد كما يفعل
طوائف من أهل الكلام الذين سلك المعترض سبيلهم.
و نا ذكر أمثلة وقعت في زمن الصحابة لتكون عبرة لما سواها،
ويستفيد الانسان بها إقرار الاحاديث الثابتة عند علماء الحديث، ويوسع
الاعتذار والاستغفار لمن تأول واجتهد في طلب الحق وان أخطأه، بل
يعطي حفه من المحبة والموالاة والتعظيم بحسب حسناته وإيمانه.
فمن ذلك قول النبي غ! يم: "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، ومن
نيح عليه يعذب بما نيح عليه ". وهذا رواه عن النبي ع! يم عمر وابن عمر
والمغيرة بن شعبة وخلق غير ذلك (2)، فطائفة من السلف والخلف ردته،
وطائفة تأولته على غير تأويله، وطائفة أقرته على المعنى لاالذي أحاله
ولئك الذي هو ظاهره. و سعد الناس به من فهم ظاهره و قره، ثم سكت
عن الامرين. و كثر ما دخل الامر من جهة اعتقاد فهم ظاهره، فإنهم
اعتقدوا أن الله تعالى يعاقب الميت على ذنب الحي، وظنوا أن العذاب لا
يكون إلا عقابا، ثم رأوا أن الله لا يعاقب الانسان بعمل غيره، لان ذلك
__________
(1) من ذلك ما خرجه الخطيب البغدادي في الكفاية ص 432 عن الامام ابن
خزيمة.
(2) سياتي سياق احاديثهم وتخريجهاه
59

الصفحة 59