كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
يلتفت إلى غيره من قياس أو عمل. وكان هو وغيره من الائمة يجعلون
من أكابر أهل البدع من يرد الاخبار الصحاح في الامور الخبرية أو
العملية في أصول أو قروع. ولهذا كان الشافعي يقول دائفا: إذا صخ
الحديث فاضربوا بقولي الحائط (1). وكان يقدم الخبر الصحيح على كل
ما يدعى من هذه المعارضات.
وهذا القدر إنما استقام لائمة الحديث لانهم أعرف به وبصحيحه،
فعندهم من اليقين بصحته ما ليس عند غيرهم ممن لم يعلم منه ما
علموه، وقد علموا من ضعف المعارض ما لم يعلمه غيرهم. ولهذا تجد
غيرهم يذكر أحاديث مستفيضة متلقاة بالقبول و حاديث ضعيفة أو
موضوعة، والجميع عنده من جنس واحد، وهو خبر واحد، فيقبل هذا
الجنس الذي فيه الحق والباطل مطلقا إذا وافق بعض أصوله، ويخالفه إذا
خالف بعض أصولي، وهؤلاء لا يدعون من أهل الحديث، بل هذا (2) من
فعل أهل الاهواء والبدع، كما قال وكيع بن الجراح: من طلب الحديث
كما جاء فهو صاحب سنة، ومن طلبه ليقوي به رأيه فهو صاحب
بدعة (3). ويروى عن وكيع وعبدالرحمن بن مهدي أو أحدهما قال: أهل
العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، و هل الاهواء لا يكتبون لا مالهم (4).
وهذا حق، فإن الذي يقبل من الحديث ما وافق رأيه وهواه بمنزلة
__________
(1) انظر نحوه عنه في صحيح ابن حبان (497/ 5) والمجموع للنووي (63/ 1)
واعلام الموقعين (2/ 361).
(2) في الاصل: "بل المردد على هذا".
(3) أخرجه البخاري في جزء رفع اليدين (ص 120 - 121).
(4) اخرجه الهروي في ذم الكلام (2/ 270، 249/ 4) عن وكيع.
87