كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

و صدق، وهم أعداد لا يحصيهم إلا الله.
فاذا لم يجز تفسير القرآن وتأويله بالالفاظ والمعاني التي هي بين (1)
محفوظة منقولة من إمام إلى إمام ومن عدد إلى عدد، أفيجوز أن يرجع
في معاني القرآن إلى بيت من الشعر أو كلمة من الغريب أحسن أحوالها
أن يرويها واحد عدل عن بعض الشعراء؟! واذا كانت الاخبار لا تفيد
علما فجميع ما يذكرونه من اللغة الغريبة والشعر المنقولة بمثل ذلك
دونه، ولم نعلم أنه قاله عربي، بل يجوز أن يكون كذئا، فاذا حملنا عليه
كلام الله فقد قلنا على الله مالا نعلم.
وهذا معلوم بالضرورة والاتفاق من المثبتة والنافية أن اللغة
المستفادة من الشعر والغريب الذي يعلمه الاحاد دون ما يستفاد من نقل
أهل الحديث، فاذا لا يفيد العلم بأن العربي قاله، ولو علمنا أن العربي
قاله لم يكن علمنا بمراد العربي منه إلا دون علمنا بمراد الرسول
والصحابة والتابعين من ألفاظهم. فاذا كان هذا دون الحديث في النقل
والدلالة لم يكن حمل معاني القرآن عليه بأولى من حملها على معنى
الحديث والاثار، بل تلك أولى من وجوه كثيرة، بل لا يجوز أن يقال:
هذا معنى الآية لمجرد إسناد الشعر والغريب ودلالة ذلك، إذ هما لا
يفيدان العلم به، فيكون تفسير القرآن بهذه الطريق قولا على الله بلا علم.
واذا لم يكن هذا معلوفا، وغيره ليس معلوما، بطلت دلالة الكتاب
والسنة، وسقط الاستدلال به وقهم معانيه، والله أمرنا بتدبره وعقله، فاذا
لم يكن لنا طريق إلى العلم بمعناه، لا من جهة نقل الشعر والغريب، ولا
__________
(1) كذا في الاصل. ولعلها "سنن" أو "صبئنة ".
9

الصفحة 9