كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
فهذا إذا لم يقصد يه وجه الله وطاعة رسوله كان ذلك اتباعا لهواه، وكان
خارجا عن موجب الاسلام في هذا الموضع، وإن كان في موضع آخر
داخلا فيه.
وبهذا يتبين أن كثيرا من الاحبار والرهبان والعلماء والعباد ياكلون
أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله، و ن العالم الذي يعتقد
الاعتقاد في المسائل الخبرية والعلمية والعابد الذي يتعبد لنفسه - إن لم
يسلكا السبيل المشروعة والا كان كل منهما متبعا لهواه، فان العالم يامر
وينهى ويخبر، والامر والنهي يتضمن الحمث والارادة والبغض والكراهة
في نفس الدين، فان لم يكن الحب لله والبغض لله في الدين والا كان
هوى وشركا. والاخبار يتضمن الامر باعتقاد الخبر.
ولهذا لما تنازع الناس: هل يسمى الفقهاء ونحوهم من أهل
الاهواء؟ فجعلهم منهم طائفة كأبي حامد الاسفراييني والقاضي أبي
يعلى، و سبت ذلك طائفة كابن عقيل = كان التحقيق أن غالبهم لهم هوى،
لكن ليسوا من أهل الاهواء المطلقة المفارقة للسنة والجماعة.
فلهذا على المسلم أن يتلقى ما جاءت به الرسل على وجهه، فيريد
الله بجميع ذلك، والا وقع في بدعة وشرك واتباع هوى بلا ريب، وان
كان مخالفوه (1) أعظم منه في ذلك، فانهم يكونون مفرقين، والله تعالى
إنما أمرهم أن يعبدوه مخلصين لله الدين، فكل ما دخل في الدين يجب
أن يخلص لله لا لغيره، فيكون دين المرء كله لله.
كما أن الدين في نفسه كامل لا نقص فيه ولا تناقض كما بيناه، وأن
__________
(1) في الاصل: "مخالفه ".
99