كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام
وإجرائه السحاب الذي هو نعمة الدنيا فيها شاملا به لنعم الدنيا والآخرة، وكما أنعمت بنصرنا وَهَزْم أعدائنا يوم الأحزاب، فانصرنا، فنحن نقاتل اليوم على ما نقاتل عليه في ذلك اليوم، فاهزمهم وانصرنا عليهم.
فهذه أسباب النصر- ببيان الوقت المناسب، والدعاء المناسب، ودفع الشر، بتركه والصبر عند حلوله- أرشد إليها القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم.
ثم بين فضيلة من فضائل الجهاد، وهى أنه من أقرب الأسباب لدخول الجنة، لأنه إرخاص للنفس والنفيس في سبيل الله تعالى.
ما يستفاد من الحديث:
1- تحين مناسبة الوقت للقتال.
والأولى أن يكون في أول النهار، فإن لم يمكن، فبعد الزوال. كما جاء في حديث آخر (كان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تهب الرياح وتحضر الصلاة) .
2- كراهة تَمنِّى القتال ومصادمة الأعداء، لأنَّ المتمنِّي ما يدرى ما عاقبة الأمر، وأيضاً دليل الغرور والعجب، وهو عنوان الخذلان، ودليل احتقار العدو وهو عنوان قلة الحزم والاحتياط،
3- سؤال العافية، وهي شاملة لعافية الدين والدنيا والأبدان.
4- الصبر عند لقاء العدو، لأنه السبب الأكبر في الظفر والانتصار.
5- فضيلة الجهاد، وأنه سبب قريب في دخول الجنة.
وفي قوله: [ظلال السيوف] إشارة إلى الإقدام والدنو من العدو، حتى تظلله سيوفهم ولا يُوَلًى عنهم. قال القرطبي: هو من الكلام النفيس الجامع الموجز المشتمل على ضروب من المبالغة مع الو جازة وعذوبة اللفظ.
6- الدعاء بهذه الدعوات المناسبات، عند لقاء الأعداء، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.
الحديث الثاني
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " رِبَاطُ يَوْم، في سَبِيلِ الله خير مِنَ الدُّنيا وَمَا عَلَيْهَا، وموضع سَوْطِ أحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وَمَا عَلَيْهَا، والروحة يروحها العَبْدُ في سَبِيلِ الله أوِ الغدوة، خير مِنْ الدنيا وَمَا فِيهَا ".
الصفحة 739
768