كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام

الغريب.
رباط يوم في سبيل الله: الرباط: بكسر الراء، وفتح الباء الموحدة الخفيفة، هو ملازمة المكان الذي بين المسلمين والكفار، لحراسة المسلمين منهم.
سَوْط: بفتح السين وسكون الواو، أداة ضرب، فوق القضيب،: ودون العصا.
الروحة: بفتح الراء، السير من الزوال إلى الليل. ويراد بها المرة الواحدة.
الغَدْوَة: بفتح الغين، السير في أول النهار إلى الزوال، ويراد بها المرة الواحدة.
المعنى الإجمالي:
يبيِّن النبي صلى الله عليه وسلم فضل المرابطة في سبيل الله، بأن ثواب مرابطة يوم، خير من الدنيا وما فيها، لما في ذلك من حراسة المسلمين والإقامة في وجوه الأعداء، الذين يتربصون الدوائر والفرص بالمسلمين، فيهجمون عليهم،: لما فيها من المخاطرة بالنفس لحفظ المسلمين وصيانتهم من عدوهم.
ثم يبين صلى الله عليه وسلم حقارة الدنيا بالنسبة للآخرة ليزهدهم فيها، رغبهَ فيما عنده، فيرخصوا أنفسهم في سبيله وفي سبيل إعزاز دينه.
فموضع السوط فيها، خير من الدنيا وما فيها، لأن هذه فانية، وتلك باقية، ولأن هذه منغِّصة، وتلك منعِّمة، ولأن ما في المتاع والنعيم، لا يقارن بنعيم تلك الدار، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وثواب الروحة أو الغدوة في سبيل الله مرة واحدة، خير من الدنيا وما فيها، لما للمجاهد من عظيم الأجر وجزيل الثواب، لأن المجاهدين باعوا أنفسهم الغاليةْ لله تعالى بثواب الجنة، وأرخصوها في ابتغاء مرضاته، إعلاءً لكلمته، وإظهاراً لدينه، ليغفر لهم ذنوبهم، ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار، ومساكن طيبة في جنات عدن، ذلك الفوز العظيم.
ما يستفاد من الحديث:
1- فضل الرباط في سبيل الله، لما فيه من المخاطرة بالنفس، بصيانة الإسلام والمسلمين.
لذا فإن ثواب يوم واحد، خير من الدنيا وما فيها.
2- حقارة الدنيا بالنسبة للآخرة، لأن موضع السوط من الجنة، خير من الدنيا وما فيها.
ولو لم يكن بينهما إلا أن هذه فانية، وتلك باقية، فإن الرغبة في الباقي، وإن كان خزفاً، خير منْ الفاني، وإن كان صدفاً.
كيف والفاني هو الخزف، والباقي هو الصدف.

الصفحة 740