كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام
3- فضل الجهاد في سبيل الله، وعظم ثوابه، لأن ثواب الروحة الواحدة أو الغدوة، خير من الدنيا وما فيها.
4- رتب هذا الثواب العظيم على الجهاد لما فيه من الخاطرة بالنفور، طلباً لرضا الله تعالى، ولما يترتب عليه من إعلاء كلمة الله ونصر دينه، ونشر شريعته، لهداية البشر، فهو ذرْوَةُ سنام الإسلام، كما في حديث (مُعاذ بن جبل) .
الحديث الثالث
عَنْ أبي هريرة رضي الله عَنْهُ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "انتدَبَ الله (ومسلم: تَضمَّنَ الله) لِمَنْ خرج في سَبِيلهِ، لا يُخْرِجُهُ إلا جهاد في سَبِيله، وَإيمَان بي، وَتَصْدِيق بٍرَسُولي، فَهُوَ عَلَىَّ ضَامِن أنْ ادْخِلَهُ الْجنَّة أوْ أرْجِعَهُ إلَى مَسْكَنِه الَذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَائِلا مَا نَالَ مِنْ أجْر أو غَنِيمَةٍ.
الغريب:
إلا جهاد: مرفوع، هو وما بعده. وقد جاء منصوباً في (صحيح مسلم) على أنه مفعول لأجله، أي لا يخرجه الخروج إلا للجهاد. وأما كونه منصوباَ، فلأنه معطوف على قوله (أن أدخله الجنة) من أجر أو غنيمة: (أو) بمعنى (الواو) . وقد رواها أبو داود (بالواو) وفي بعض طرق (مسلم) أيضاً.
ضامن: بمعنى مضمون، نحو عيشة راضية، أي مرضية، فهو فاعل بمعنى مفعول.
أو أرجعه: بفتح الهمزة، وكسر الجيم، ونصب العين. لأن ماضيه ثلاثي، بدليل {رب ارجعوني} بوصل الهمزة. وعليه فيكون الغازي القائم، يرجع بالأجر أيضاً.
انتدب الله: قال ابن الأثير: ندبته فانتدب، أي بعثته فانبعث، ودعوته فأجاب.
المعنى الإجمالي:
ضمن الله تعالى والتزم- كرماً منه وفضلا- أن من خرج يقاتل في سبيله مخلصاً نيته عن الأغراض الدنيوية، من غنيمة، أو عصبية، أو شجاعة، أو حُب للشهرة، أو الذكر. بل لمجرد الإيمان بالله تعالى الذي وعد المجاهدين بالمثوبة، وتصديقا برسله الذين بلغوا عنه وعده الكريم،
الصفحة 741
768