كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام
فاللَه ضامن له دخول الجنة، إن قتل أو مات في سبيله. أو يرجعه إلى مسكنه وأهله نائلا الأجر العظيم، أو حاصلا له الحسنيان، الأجر والغنيمة. والله لا يخلف الميعاد.
ما يستفاد من الحديث:
1- جود الله تعالى وكرب، إذ ألزم نفسه بهذا الجزاء الكبر للمجاهدين.
2-. فضل الجهاد في سبيل الله، إذ تحقق ربحه العظيم.
فإما الشهادة العظمى التي تنيل صاحبها المقامات العالية مع النبيين والصد يقين.
وإما الرجوع إلى مسكنه بجزيل الحسنات، وتكفير السيئات.
وإن كان معه غنيمة، فذلك فضل الله، يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
3- قال ابن دقيق العيد: فيه دليل على أنه لا يحصل هذا الثواب إلا لمن صحت نيته وخلصت من شوائب إرادة الأغراض الدنيوية.
وقال الطبري-: إذا كان أصل الباعث هو إعلاء كلمة الله فلا يفره ما عرض له بعد ذلك.
الحديث الرابع
ولـ (مسلم (¬1) مَثَلُ المجاهدين في سَبِيل الله- والله أعْلمُ بَمنْ يُجَاهِدُ في سبِيله- كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ. وَتوَكَّلَ الله لِلْمُجَاهِدِ في سَبِيِلهِ- إن تَوَفَّاهُ- أنْ يدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أو يَرجِعَهُ سَالِماً مَعَ أجْرٍ أو غَنيمَةٍ ".
المعنى الإجمالي:
بيَّن صلى الله عليه وسلم فضل الجهاد الخالص لوجه الله تعالى، بأن من جاهد في سبيله لقصد الجهاد وإعلاء كلمة الله تعالى- والله مطلع على سرائره فيعلم المخلص من غيره- فأجره كأجر الذي أحيا ليله بالقيام، ونهاره بالصيام، لأن المجاهد لا يزال في عبادة في قيامه وقعوده، وسره وإقامته، ويقظته ونومه. فهو في عبادة مستمرة، لا يدركه إلا الذي شغل وقته كله بالعبادة، مع فرق ما بين العبادة القاصرة، كالصلاة، والصيام، والعبادة المتعدى نفعها، كالجهاد.
فهذا الذي خرج مجاهداً في سبيل الله بإخلاص، قد كفل الله له الجنة، إن قتل أو مات في سبيله، أو الرجوع بالأجر والغنيمة.
¬_________
(¬1) قوله: ولمسلم إلخ هذه الزيادة التي عزاها لمسلم ليست فيه وإنما هي في البخاري بطولها في "باب افضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله ".
الصفحة 742
768