كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام

(عمرو بن أمية الضمرى) رجلين من بنى عامر، يظنهما من أعداء المسلمين.
فتحمل النبي صلى الله عليه وسلم دية الرجلين، وخرج إلى قرية بنى النضير يستعينهم على الديتين.
فبينما هو جالس في أحد أسواقهم ينتظر إعانتهم، إذ نكثوا العهد وأرادوا اهتبال فرصة قتله.
فجاءه الوحي من السماء بغدرهم، فخرج من قريتهم مُوهِماً لهم وللحاضرين من أصحابه أنه قام لقضاء حاجته، وتوجه إلى المدينة.
فلما أبطأ على أصحابه، خرجوا في أثره فأخبرهم بغدر اليهود- قبحَهُمُ الله تعالى- وحاصرهم في قريتهم ستة أيام، حتى تم الاتفاق على أن يخرجوا إلى الشام والحِيرَة وخَيبَرَ.
فكانت أموالهم فَيْئاً بارداً، حصل بلا مشقة تلحق المسلمين، إذ لم يُوجِفُوا عليه بخيل ولا ركاب.
فكانت أموالهم لله ولرسوله، يَدَخِّرُ منها قوت أهله سنة، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين العامة.
وأولاها في ذلك الوقت عُدةُ الجهاد من الخيل والسلاح، ولكل وقت ما يناسبه من المصارف للمصالح العامة.
ما يستفاد من الحديث:
1- أن أموال بنى النضير صارت فيئا لمصالح المسلمين العامة، إذ حصلت بلا كلفة ولا مشقة تلحق المسلمين المجاهدين.
فكل ما كان مثلها مما تركه الكفار فزعا من المسلمين، أو صولحوا على أنها لنا، والجزية والخراج، فهو لمصالح المسلمين العامة.
2- يكون للإمام منه ما يكفيه ويكفي من يمون. والله المستعان.
3- وأن يتحرى الإمام في صرف الفيء وبيت مال المسلمين المصالح النافعة.
ويبدأ بالأهم فالأهم، ولكل وقت ما يناسبه.
4- جواز ادّخار القوت، وأنه لا ينافى التوكل على الله تعالى فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعلى المتوكلين، وقد ادخر قوت أهله.
الحديث الخامس عشر
عَنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: أجْرَي النَّبي صلى الله عليه وسلم مَا ضُمِّرَ مِنَ الخَيل مِنَ الْحَفيَاءِ إلى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ، وَأجْرَى مَا لمْ يُضَمرْ مِنَ الثنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَني زُريقٍ.
قَالَ ابنُ عُمَرَ: وَكُنْتُ فِيمَنْ أجْرَى.
قَالَ سُفْيَان (¬1) : مِنَ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنيةِ الْوَدَاعِ خَمْسَة أمْيَالٍ أوْ سِتَّة، وَمِنْ ثَنِيه الوَدَاعِ إلَى مَسْجِدِ بني زُريقٍ، مِيل.
¬_________
(¬1) قوله: قال سفيان، الخ (لم يخرجه مسلم) .

الصفحة 748