كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام
الغريب:
ما ضُمِّر: بضم الضاد وكسر الميم المشددة، مبنى للمجهول. و (المضمرة) هي التي أعطيت العلف، حتى سمنت وقويت، ثم قلل لها تدريجيا، لتخف وتضمر، فتسرع في العدو، وتقوى على الحركة.
الحفْيَاء: بفتح الحاء، وسكون الفاء، ثم ياء، فألف ممدودة: مكان خارج المدينة.
ثنية الوداع: سميت بذلك لأن المسافر من المدينة، يخرج معه إليها المودعون و (الثنية) هي: الطريق في الجبل.
زُرَيْق: بضم الزاي المعجمة، ثم راء مهملة، فياء، ثم قاف: هم بطن من الأنصار.
خمسة أميال: الميل نحو (كيلو مترين) إلا سدساً، وتقدم في مواقيت الإحرام.
المعنى الإجمالي:
كان النبي صلى الله عليه وسلم مستعداً للجهاد، قائماً بأسبابه، عملا بقوله تعالى: {وَأعِدوا لهم مَا استطعتم مِنْ قوةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيلِ ترْهِبُونَ بِهِ عَدُو الله وعدوكم} فكان يضمر الخيل ويمرن أصحابه على المسابقة عليها ليتعلموا ركوبها، والكرّ والفَرّ عليها، ويقدر لهم الغايات التي يبلغها جَرْيُهَا مُضَمرَة وغير مضمرة، لتكون مُدَرَّبة مُعَلَمة، وليكون الصحابة على الأهبة مُدَرَّيِينَ. ولذا فإنه أجرى المضمرة ما يقرب من ستة أميال، وغير المضمرة، وهي التي أثقلها السمَنُ ميلا.
وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه أحد شباب الصحابة المتعلمين على فنون الحرب.
ما يستفاد من الحديث:
1- مشروعية التمرن وتعلم الفنون العسكرية، والعلوم الحربية، استعدادا لمجابهة العدو.
وهو يختلف باختلاف الأزمنة، فلكل زمن سلاحه وأدوات قتاله. وآلاته وتعالميه.
2- يحتمل أن تكون المسابقة بِعِوَض أو بغيره، وهى جائزة على كلا الأمرين، وإن كانت مع العوض نوعا من القمار، ولكن لما كانت مصلحتها عظيمة أبيحت، فإن القاعدة الشرعية تقول: إذا ترجحت المصلحة على المفسدة وغمرتها، اغتفرت المفسدة لذلك.
3- لا يتقيد هذا بإجراء الخيل، فكل ما أعان على قتال الأعداء من الأسلحة والمراكب، فالمغالبة عليه بِعَوَض جائزة، لحديث (َلا سَبَقَ- أخذ عوض- إلا في نصل أو خف أو حافر) وهذا مذهب جمهور العلماء.
وألحق شيخ الإسلام (ابن تيميه) بها مسائل العلم، فتجوز المراهنة عليها وأخذ العوض، لأنه من الجهاد، ولقصة أبي بكر مع المشركين.
4- أن مثل هذه المسابقة من الرياضة المحمودة التي تنشط الجسم وتقويه، وتعين على الجهاد والقتال، مشروعة محبوبة، لأنها نوع عبادة مع النية الصالحة، لا ما فتِنَ به
الصفحة 749
768