كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام

فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَة الله هِي الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله عَزَّ وَجَل) .
المعنى الإجمالي:
سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل اًعداء الدين، ولكن الحامل له على القتال هو إظهار الشجاعة والإقدام أمام الناس.
ويقاتل الآخر حمية لقومه، أو لوطنه.
ويقاتل الرجل رياء أمام أنظار الناس أنه من المجاهدين في سبيل الله المستحقين للثناء والتعظيم.
فأي هؤلاء الذي في سبيل الله قتاله؟.
فأجاب صلى الله عليه وسلم بأوجز عبارة وأجمع معنى، وهي: "أن من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو الذي في سبيل الله، وما عدا هذا، فليس في سبيل الله، لأنه قاتل لغرض آخر".
والأعمال مترتبة على النيات، في صلاحها وفسادها، وهذا عام في جميع الأعمال فالأثر فيها للنية، صلاحاً وفسادا، وأدلة هذا المعنى كثيرة.
ما يستفاد من الحديث:
1- أن الأصل في صلاح الأعمال وفسادها، النية. فهي مدار ذلك.
2- لذا فإن من قاتل الكفار لقصد الرياء، أو الحمية، أو لإظهار الشجاعة، أو لغير ذلك من مقاصد دنيوية، فليس في سبيل الله تعالى.
3- أن الذي قتاله في سبيل الله، هو من قاتل لإعلاء كلمة الله تعالى.
4- إذا انضم إلى قصد إعلاء كلمة الله قصد المغنم، فهل يكون في سبيل الله؟.
قال الطبري: لا يضر، وبذا قال الجمهور، مادام قَصْد المغنم قد جاء ضمن النية الصالحة الأولى، وهذا جار في جميع أعمال القرب والعبادات.
قال تعالى: {لَيْسَ عليكم جناح أنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ ربكم} يعنى التجارة في سفر الحج.
والصحابة رضي الله عنهم، خرجوا يوم بدر ورغبتهم في عير قريش {وَتَوَدُّونَ أنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوكَةِ تَكُونُ لَكم} .
5- مدافعة الأعداء عن الأوطان والحرمات، من القتال المقدس. ومن قتل فيه، فهو شهيد، كما قال صلى الله عليه وسلم: "من قُتِلَ دون ماله فهو شهيد.. الخ".

الصفحة 753