كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام

و (أرسطو) .
وللرق- عندهم- أسباب متعددة في الحرب، والسبي، والخطف، واللصوصية.
بل يبيع أحدهم مَنْ تحت يده من الأولاد، وبعضهم يعدون الفلاحين أرِقاء.
وكانوا ينظرون إلى الأرقاء بعين الاحتقار والازدراء، فكانوا يمتهنونهم في الأعمال القذرة، والأعمال الشاقة.
فـ (أرسطو) من الأقدمين، يرى أنهم غير مخلدين، لا في عذاب، ولا في نعيم، بل هم كالحيوانات.
والفراعنة استعبدوا بني إسرائيل أشع استعباد، حتى قتلوا أبناءهم، واستحيوا نساءهم.
والأوربيون- بعد أن اكتشفوا أمريكا- عاملوا الأمريكيين أسوأ معاملة.
هذا هو الرق بأسبابه وآثاره، وكثرته في غير الإسلام.
ولم نأت إلا على القليل من شنائعه عندهم.
فلننظر الرق في الإسلام.
أولاً: إن الإسلام ضيَّق مورد الرِّق، إذ جعل الناس كلهم أحراراً لا يطرأ عليهم الرق إلا بسبب واحد: (وهو أن يؤسروا وهم كفار مقاتلون مع أن الواجب على القائد أن يختار الأصلح من الرق، أو الفداء، أو الإطلاق بلا فداء، حسب المصلحة العامة.
فهذا هو السبب وحده في الرق، وهو سبب؟ جاء في النقل الصحيح، فإنه يوافق العقل الصحيح أيضاً.
فإن من وقف في سبيل عقيدتي ودعوتي، وأراد الحدَّ من حريتي، وألب عليَّ وحاربني، فجزاؤه أن أمسكه عندي، ليفسح المجال أمامي وأمام دعوتي.
هذا هو سبب الرق في الإسلام، لا النهب، والسلب، وبيع الأحرار واستعبادهم كما هو عند الأمم الأخرى.
ثانياً: أن الإسلام رفق بالرقيق، وعطف عليه، وتوعد على تكليفه. وإرهاقه: فقال صلى الله عليه وسلم "اتقوا الله وما ملكت أيمانكم"؟.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: "للمملوك طعامه وقوته؛ ولا يكلف من العمل ما لا يطيق " رواه مسلم.
بل إن الإسلام رفع من قدر الرقيق حتى جعلهم إخوان أسيادهم.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: "هم إخوانكم وخولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، ولْيُلْبِسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم"، متفق عليه.
ورفع من مقامهم عند مخاطبتهم حتى لا يشعروا بالضَّعَة. ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم عبدي وأمتي

الصفحة 755