كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام
وليقل فتاي وفتاتي".
كما أن المقياس في الإسلام لكرامة الإنسان في الدنيا والآخرة، لاِ يرجع إلى الأنساب والأعراق، وإنما يرجع إلى الكفاءات والقيم المعنوية {إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أتْقَاكُمْ} .
وقد بلغ شخصيات من الموالى- لفضل علمهم، وقدرتهم- ما لم تبلغه ساداتهم، إذ قادوا الجيوش، وساسوا الأم، وتولوا القضاء والأعمال الجليلة بكفاءتهم التي هي أصل مجدهم.
ومع ما رفعه الشارع من مقام المملوك، فإن له تشوفا وتطلعا إلى تحرير الرقاب، وفك أغلالهم.
فقد حث على ذلك، ووعد عليه النجاة من النار، والفوز بالجنة، وقد تقدم بعض من ذلك.
ثم إنه جعل لتحريرهم عدة أسباب، بعضها قهرية وبعضها اختيارية.
فمن القهرية، أن من جرح مملوكة عتق عليه.
فقد جاء في الحديث: أن رجلاً جدع أنف غلامه، فقال صلى الله عليه وسلم. "اذهب فأنت حُر".
فقال: يا رسول الله فمولى من أنا؟ قال: "مولى الله ورسوله".
ومن أعتقْ نصيبه من مملوك مشترك، عتق نصيب شريكه قهراً، في الحديث "من اعتق شركا له في مملوك، وجب عليه أن يعتق" رواه البخاري على تفصيل فيه يأتي.
ومن ملك ذا رحم مَحْرم عليه عق عليه قهراً حديث "من ملك ذا رحم محرم فهو حر" رواه أهل السنن.
فهذه أسباب قهرية تُزِيل ملك السيد عن رقيقه خاصة في هذا الباب، لما له من السراية الشرعية، والنفوذ القوِي الذي لم يجعل في عنقه خيارا ولا رجعة.
ثم إن المشرع- مع حثه على الإعتاق- جعله أول الكفارات في التخلص من الآثام، والتحلل من الأيْمان.
فالعتق هو الكفارة الأولى في الوطء في نهار رمضان، وفي الظهار، وفي الأيمان، وفي القتل.
دين العزة والكرامة والمساواة:
فكيف- بعد هذا- يأتي الغربيُّون. المستغربون فيعيبون على الإسلام إقراره الرق، ويتشدقون بالحرية والمناداة بحقوق الإنسان، وهم الذين استعبدوا الشعوب، وأذلوا الأمم، واسترقوهم في عقرِ دارهم؟ وأكلوا أموالهم، واستحلوا ديارهم؟!
أفيرفعون رؤوسهم، وهم
الصفحة 756
768