كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام

الذين يعاملون بعض الطبقات في بلادهم أدني من معاملة العبيد؟
فأين مساواة الإسلام مما تفعله أمريكا بالزنوج، الذين لا يباح لهم دخول المدارس، ولا تحل لهم الوظائف، ويجعلونهم والحيوانات سواسية؟!
وأين رفق الإسلام وإحسانه، مما يفعله الغرب بأسارى الحرب الذين لا يزالون في المجاهل: المتاهات والسجون المظلمة؟
وأين دولة الإسلام الرحيمة، التي جعلت الناس على اختلاف طبقاتهم وأديانهم وأجناسهم- أمة واحدة في مالَهَا وما عَليها، مما فعلته (فرنسا) المجرمة بأحرار الجزائر، في بلادهم وبين ذويهم؟! إنها دعاوى باطلة.
بعد هذا، ألم يَأنِ للمصلحين ومُحِبِّي السلام أن يبعدوا عن أعينهم الغشاوة، فيراجعوا تعاليم الإسلام بتدبر وإنصاف، ليجدوا ما فيه من سعادة الإنسانية في حاضرها ومستقبلها؟!
اللهم انصر دينك، ووفِّق له الدعاة المصلحين.
الحديث الأول
عن عَبْدِ الله بْنِ عُمَرُ رَضي الله عَنْهُمَا أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أعْتَقَ شِركاً لَهُ في عَبْدٍ - فَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَن الْعَبْدِ- قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَليْهِ الْعَبْدُ، وإلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ ".
الغريب:
شِرْكاً له: بكسر الشين، وسكون الراء: أي جزءاً ونصيباً.
عَدْل: بفتح العين، وسكون الدال: أي من غير زيادة في قيمته، ولا نقصان.
المعنى الإجمالي:
للشارع الحكيم الرحيم تشوُّف إلى عتق الرقاب من الرق، فقد حث عليه، ورغَب فيه، وجعله أجل الكفارات وأعظم الإحسان، وجعل له من السِّرَايَة والنفوذ، ما يفوت على مالك الرقيق رقة بغير اختياره في بعض الأحوال، التي منها ما ذكر في هذا الحديث، وهي أن من كان له شراكة، ولو قليلة، في عبد، أو أمة، ثم أعتق جزءاً منه، عتق نصيبه بنفس الإعتاق.
فإن كان المعتق موسرا- بحيث يستطيع دفع قيمة نصيب شريكه عتق العبد كله، نصيبه ونصيب شريكه، وقوم عليه نصيب شريكه بقيمته التي يساويها وأعطى شريكه القيمة.
وإن لم يكن موسرا- بحيث لا يملك قيمة نصيب صاحبه- فلا إضرار على صاحبه، فيعتق نصيبه فقط، ويبقى نصيب شريكه رقيقا كما كان.
ما يستفاد من الحديث:
1- جواز الاشتراك في العبد والأمة في الملك.

الصفحة 757