كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام

2- أن من أعتق نصيبه عتق عليه، وعتق عليه أيضاً نصيب شريكه إن كان موسراً، وقُومت عليه حصة شريكه بما يساوى، ودفع له القيمة.
3- إن لم يكن الشريك المعتق موسراً، فلا يعتق نصيب شريكه.
وبعضهم يرى أنه يعتق، وينسعى العبد بالقيمة، ويأتي الخلاف فيه.
4- أنه إن ملك بعض قيمه نصيب شريكه، عتق عَليه بقدر ما عنده من القيمة.
5- تشوُفُ الشارع إلى عتق الرقاب، إذ جعل للعتق هذه السراية والنفوذ.
الحديث الثاني
عَن أبي هُرَيرةَ رَضي الله عَنْهُ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " مَنْ اعتَقَ شِقْصاً مِنْ مَمْلوكٍ فَعَلَيْهِ خَلاَصُهُ كُلّهُ فِي مَالِهِ، فَإن لَمْ يَكُنْ لَهُ مالٌ قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ استُسْعِىَ العَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ ".
ما يستفاد من الحديث:
معنى هذا الحديث تقدم في الذي قبله، إلا أنه زاد تسعية العبد عند إعسار المعتق، وإجمال معناه ما يأتي:
1- أن من أعتق شركا له في عبد، وكان له ما يبلغ ثمن العبد عتق عليه كله وقُومَ عليه حصة شريكه بقدر قيمته.
2- فإن لم يكن له مال، عتق العبد أيضاً- وطُلِبَ من العبد السعيُ ليحصل للذي لم يعتق نصيبه مباشرة، قيمة حصته، ولا يشق عليه في التحصيل، بل يقدر عليه أصحاب الخبرة قدر طاقته.
3- ظاهر الحديثين، هذا والذي قبله، الاختلاف في عتق العبد كله، مع إعسار مباشر العتق واستسعاء العبد.
الجمع بين الحديثين:
دل الحديث الأول- في ظاهره- على أن من أعتق نصيبه من عبد مشترك، عتق نصيبه.
فإن كان موسراً عتق باقيه- وغرم لشريكه قيمة نصيبه.
وإن كان معسراً لم يعتق نصيب شريكه، وصار العبد، مُبَعَّضاً، بعضه حر، وبعضه رقيق.
ودل الحديث الثاني على أن المباشر لعتق نصيبه، إن كان معسراً عتق العبد كله أيضاً، ولكن يستسعى العبد بقدر قيمة نصيب الذي لم يعتق وتعطى له.
ذهب إلى الأخذ بظاهر الحديث الأول، الأئمة، مالك، والشافعي، وأحمد في المشهور من مذهبه، وأهل الظاهر.
ودليلهم، ظاهر- الحديث وجعلوا الزيادة في الحديث مدرجة، وهي قوله: "فإن لم يكن له مال قوِّم المملوك قيمة عدل ثم استسعى العبد غير مشقوق عليه".

الصفحة 758