كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام
قال ابن حجر في "بلوغ المرام": [وقيل: إن السعاية مدرجة] .
قال النسائى: [بلغني أن هماماً رواه، فجعل هذا الكلام- أعنى الاستسعاء- من قول قتادة] وكذا قال الإسماعيلي [إنما هو من قول قتادة، مدرج على ما روى همام] .
وجزم ابن المنذر، والخطابي بأنه من فتيا قتادة.
ولكن قال صاحب شرح البلوغ: [وقد رد جميع ما ذكر من إدراج السعاية باتفاق الشيخين على رفعه، فإنهما في أعلى درجات الصحيح] .
ولذا فإنه ذهب إلى الأخذ بهذه الزيادة الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، واختارها بعض أصحابه، ومنهم شيخ الإسلام (ابن تيميه) و (ابن القيم) وشيخنا (عبد الرحمن آل سعدي) رحمهم الله تعالى، وجع بين الحديثين.
وصفة الجمع ما قاله شارح بلوغ المرام: [أن معنى قوله في الحديث الأول (وإلا فقد عتق منه ما عتق) أي بإعتاق مالك الحصة حصته، وحصة شريكه تعتق بالسعاية، فيعتق العبد بعد تسليم ما عليه، ويكون كالمكاتب وهذا هو الذي جزم به البخاري.
ويظهر أن ذلك يكون باختيار العبد لقوله: (غير مشقوق عليه) .
فلو كان ذلك على جهة الإلزام، بأن يكلف العبد الاكتساب والطلب حتى يحصل ذلك، لحصل له بذلك غاية المشقة، وهو لا يلزم في الكتابة ذلك عند الجمهور، ولأنها غير واجبة، فهذا مثلها.
وإلى هذا الجمع ذهب البيهقي، وقال: لا تبقى معارضة بين الحديثين أصلاً.
وهو كما قال، إلا أنه يلزم منه أن يبقى الرقُّ في حصة الشريك إذا لم يختر العبد السعاية اهـ.
بَابُ بَيْع المدبَّر
المدبَّر: - اسم مفعول، وهو الرقيق الذي علق عتقه بموت مالكه.
سمي بذلك، لأن عتقه جعل دُبُرَ حياة سيده. أو يكون مشتقا من التدبير وهو في اللغة النظر في عواقب الأمور.
الحديث العشرون بعد الأربعمائة
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: دَبَّر رَجُلٌ مِنَ الأنصَارِ غُلاَماً لَهُ.
وفي لفظ: بَلَغَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّ رَجُلاً مِنْ أصْحَابهِ أعْتَقَ غُلاَماً لَهُ عَنْ دُبُرٍ- لَمْ يَكنْ لَهُ مَالٌ غَيرهُ، فَبَاعَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِثَمَانِمَائَةِ دِرْهَمٍ، ثُم أرْسَلَ بِثَمَنهِ إلَيهِ.
الغريب:
دُبُر: بضم الدال المهملة، وضم الباء الموحدة، وهو نقيض القبُل، من كل شيء، والمراد- هنا- بعد موته.
الصفحة 759
768