كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 1)

الإبْهَامِينَ، أُصْبُعا مِنْ كُل يَدٍ، ثُمَّ يَغْمِسَها في المَاءِ ويَمْسَحُ بِهِما أُذُنَيْهِ دَاخِلِهما وخَارِجِهما (¬1).
قالَ مَالِكٌ: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأسِ، ويُسْتَأنَفُ لَهُما المَاءُ، يعنِي أنَّهُما مَمَسْوُحتَانِ في الوُضُوءِ غيرُ مَغْسُولَتَيْنِ، ولا يُمْسَحَانِ بالمَاءِ الذي مُسِحَ بهِ الرَّأسُ، ومَسْحُهُما سُنَّةٌ، ومَسَحُهُما رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -في وُضُوئهِ مِنْ غيرِ حَدِيثِ مَالِكٍ.
قالَ أبو مُحَمَّدٍ: إنما أَدْخَلَ مَالِكٌ في المُوطَّأ عَنْ صَفِيَّةَ: (أنَّها كَانَتْ تَنْزِعُ خِمَارَهَا وتَمْسَحُ رَأْسَها كُلَّهُ) [95]، يَرُدُّ به قَوْلَ مَنْ نَسَبَ إلى ابنِ عُمَرَ أنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ بَعْضَ رَأْسِهُ في الوُضُوءِ، وكانتْ صَفِيَّةُ أَشَدَّ النَّاسِ اقْتِدَاءً بابنِ عُمَرَ، فلَو رَأَتْهُ يَمْسَحُ بَعْضَ رَأْسِه في وُضُوئهِ مَا [نَزَعَتْ] (¬2) خِمَارَها عندَ مَسْحِ رَأْسِهَا.
* وقَوْلُه في الحَدِيثِ: (ونَافِعٌ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ) [95]، يعنِي: أنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلى شَعْرِ صَفِيَّةَ لِصِغَرِ سِنِّه.
وفي هذَا الحَدِيثِ مِنَ الفِقْه: إبَاحَةُ أَخْذِ العِلْمِ عَمَّن رآهُ في صِغَرِه إذا حَدَّث به في كِبَرِه.
قالَ ابنُ القَاسم: مَنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِه في وُضُوئِه وصَلَّى أَعَادَ وُضُوئَهُ وصَلَاتَهُ، لأنَّهُ نَقَصَ وُضُوئَهُ وصَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ كَامِلٍ.
قالَ أبو المُطَرِّفِ: روَى ابنُ مَسْلَمةَ (¬3): (مَنْ مَسَحَ ثُلُثَ رَأْسِه في وُضُوئِه وصَلَّى أنَّ صَلَاتهُ تَامَّةً) (¬4)، وأنكرَ هذه الرِّوايةَ شُيُوخُنا.
قالَ أبو مُحَمَّدٍ: ومَن احْتَجَّ في إجَازَةِ هذا بأن البَاءَ قد دَخَلتْ في قولهِ:
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف 1/ 18.
(¬2) جاء في الأصل: (تمونت نزع) ولم أجد لها معنى، وما وضعته هو الموافق للسياق.
(¬3) هو محمد بن مسلمة بن محمد، أبو هشام المخزومي المدني نزيل دمشق، الإِمام الفقيه الثقة، توفي سنة (210)، ينظر: جمهرة تراجم الفقهاء المالكية 12003.
(¬4) نقل هذه الرواية ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات 401، والحطاب في مواهب الجليل 1/ 255.

الصفحة 142