كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 1)
بابُ زَكَاةِ المَعَادِنِ، والحُلِي، وأَمْوَالِ اليَتَامَى، والدُّيُونِ، وزَكَاةِ المُدِيرِ (¬1)
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: أَقْطَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بلاَلَ بنَ الحَارثِ المُزَنِيَّ مَعَادِنَ القَبَلِيَّةِ (¬2)، وَهِي بأَرْضِ مُزَيْنَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الفُرُعِ، وَهِي أَرْضٌ مُتَمَلَّكَة بَيْنَهَا وبينَ المَدِينَةِ أَرْبَعُونَ مِيلاً [851]، فَفِي هذَا تَقْوِيةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ: أنَّ أَمْرَ المَعَادِنِ إلى الإمَامٍ، وإنْ ظَهَرَتْ في أَرْضٍ مُتَمَلَّكَةٍ، يَقْطَعُهُا لِمَنْ يَرَاهُ أَهْلاً لِذَلِكَ، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهَا الزَّكاةَ إذا بَلَغَ ذَلِكَ مَا فِيهِ الزَّكاة.
قالَ مَالِكٌ: ولَمَّا كَانَ مَا يَخْرُجُ مِنَ المَعَادِنِ يَعْتَمِلُ ويَنْبُتُ كَنَباتِ الزَّرْعِ كَانَ مِثْلَ الزَّرْعِ، وفِي تَعْجِيلِ زَكَاتِهِ يُؤْخَذُ منهُ، وهذَا قَوْلُ أَهْلِ المَدِينَةِ.
وقالَ أَهْلُ الكُوفَةِ: إنَّ في المَعَادِنِ الخُمُسَ على مَنْ أَصَابَهَا (¬3).
قالَ أحمدُ بنُ خَالِدٍ: ثَبَتَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قالَ: "المَعْدَنُ جُبَارٌ، وفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ" (¬4)، فَالرِّكَازُ غَيْرُ المَعْدَنِ، وَلَوْ كَانَ حُكْمُ المَعْدَنِ كَحُكْمِ الرِّكَازِ
¬__________
(¬1) المدير -بضمّ الميم وكسر الدال- هو: التاجر الذي يبيع ويشتري ولا ينتظر وقتا، ولا ينضبط له حول، كأصحاب الحوانيت، ينظر: القوانين الفقهية ص 70.
(¬2) القَبَليّة -بفتح القاف والباء وتشديد الياء- ناحية من نواحي الفُرُع، والفُرُع -بضم الفاء والراء- تقع جنوب المدينة، تبعد عنها قرابة (150) كيلا، ينظر: المعالم الأثيرة ص 222، ومعجم المعالم الجغرافية ص 236.
(¬3) ينظر قول أبي حنيفة وأصحابه في: بدائع الصنائع 2/ 67، وشرح فتح القدير 2/ 233.
(¬4) رواه البخاري (2228)، ومسلم (1710)، من حديث أبي هريرة.
الصفحة 251