كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 1)

يعني: في رَمَضَانَ، "فَيَصُومُ الصَّائِمُ، ويُفْطِرُ المُفْطِرُ، فلَا يُعِيبُ الصَّائِمُ على المُفْطِرِ، ولَا المفْطِرُ على الصَّائِمِ" (¬1).
[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: روَى عبدُ الرَّزَاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قتادةَ في قَوْلهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] قالَ عليُّ بنُ أَبي طَالِبٍ: (مَنْ خَرَجَ في رَمَضَانَ إلى سَفرٍ، فإنَ الصَّومَ وَاجِبٌ عليهِ في سَفَرِه) (¬2)، لأنَّهُ مِمَّنْ شَهِدَ أَوَّلَ الشَّهْرِ في الحَضَرِ.
قالَ قتادَةُ: وقالَ غَيْرُ عليٍّ: الفِطْر لِمَنْ خَرَجَ في رَمَضَانَ إلى سَفَرِه مُبَاحٌ، وقَدْ فَعَلَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ وَبَعْدَهُ.
[قَالَ أَبو المُطَرّفِ]: روَى أَبو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ قالَ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى حُنَيْنٍ لِثِنتيْ عَشَرَةَ لَيلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَصَامَ قَوْمٌ، وأَفْطَرَ قَوْمٌ، فَلَمْ يُعِبِ الصَّائِمِ على المُفْطِرِ، ولا المُفْطِرُ على الصَّائِمِ" (¬3).
* [قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: روَى ابنُ بكيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عرْوَةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: "أَن حَمْزَةَ بنَ [عَمْرو] (¬4) قالَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إني رَجُلٌ أَصُومُ" (¬5)، وذَكَرَ الحَدِيثَ، وأَسْنَدَهُ، وأَرْسَلَهُ يَحيى عَن مَالِكٍ في الموطَّأ، ولمْ يَذْكُرْ فيهِ عَائِشَةَ بِصَوْمٍ [1034]، والصَّحِيحُ أنَّهُ مُسْنَدٌ كَمَا رَوَاهُ ابنُ بُكَيْرٍ.
وأَبَاحَ النبي - صلى الله عليه وسلم - صَوْمَ الدَّهرِ لمَن شَاءَ، وكَانَتْ عَائِشَة تَصُومُ الدَّهْرَ، وكَانَ أَبو هُرَيْرَةَ يَصُومَهُ، وفَعَلَهُ جَمَاعَة مِنَ الصَّحَابةِ والتابِعِينَ.
ومَعْنَى الحَدِيثِ الذي ذَكَرَهُ أَبو دَاوُدَ منْ طرِيقِ أَبي قتادَةَ الأَنْصَارِيِّ: (أَنَّ رَجُلًا
¬__________
(¬1) رواه مسلم (1117) بإسناده إلى أبي نضرة عن جابر وأبي سعيد الخدري به.
(¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف 2694.
(¬3) رواه مسلم (1116)، وأحمد 3/ 45، و 74،
(¬4) في الأصل: عمر، وهو خطأ.
(¬5) موطأ مالك، برواية ابن بكير، الورقة (53 أ) نسخة المكتبة الظاهرية.

الصفحة 288