كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 1)

في كَفَّارَةِ مَنْ أفْطَرَ في رَمَضَانَ،
وحِجَامَةِ الصَّائِمِ، وصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ
* قالَ عِيسى: العَرَقُ الذي أَمَرَ بهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المُكَفِّرَ في رَمَضَانَ [1043] هُوَ: مِكْتَلٌ يَسَعُ مَا بَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعَاً إلى عِشْرِينَ.
وأَمَرَ الذي أَعْطَاهُ إيَّاهُ لِيُكَفِّرَ بهِ عَنْ وَطْءِ أَهْلِهِ في نَهَارِ رَمَضَانَ أَنْ يَأْكُلَهُ، وَيصُومَ يَوْمًا مَكَانَ اليومَ الذي وَطِءَ فيهِ، وهذا خَاصٌّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ، ولِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَخُصَّ مَنْ شَاءَ مِنْ أُمَّتِهِ بِمَا شَاءَ، وقدْ قالَ لأَبي بُرْدَةَ بنِ نِيَارٍ حِينَ أَبَاحَ لَهُ يُضَحِّي بالصَّغِيرَةِ مِنَ المَعْزِ: (اذْبَحْهَا، ولَنْ تُجْزِئ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ) (¬1)، فَكَذَلِكَ حُكْمُ مَنْ أَكَلَ كفَّارَتَهُ الوَاجِبَةِ عليهِ أَنَّهَا بَاقِيَة عليهِ، وقَالَهُ الزهْرِيُّ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: قالَ مَالِكٌ: الذي نأْخُذُ بهِ في كَفَّارَةِ رَمَضَانَ لِمَنْ وَطِيءَ فيهِ نَهَاراً الإطْعَامَ، وَهُوَ ظَاهِرُ القُرْآنِ قَوْلُهُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (¬2) [البقرة: 184]، وإنَّمَا ذَكَرَ اللهُ --عَزَّ وَجَلَّ-فيهِ الإطْعَامَ، فَمَا لَهُ [غَيْرَ] (¬3) ذَلِكَ.
[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: ذَكَرَ ابنُ عبدِ الحَكَمِ، عَنِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ يحيى بنِ
¬__________
(¬1) رواه البخاري (925)، ومسلم (1961)، من حديث البراء بن عازب.
(¬2) هذه الآية جاءت القراءة فيها بأوجه كثيرة، وما وضعته إنما هو موافق لقراءة عاصم، ينظر: البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة للعلامة عبد الفتاح القاضي -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- ص 99 - 100.
(¬3) جاء في الأصل: (ولغير) والصواب ما أثبته، مراعاة للسياق.

الصفحة 290