كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 1)

أَيُّوبَ، قالَ: قِيلَ لِسَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ: إنَّ عَطَاءَ الخُرَاسَانِيَّ يَرْوِي عَنْكَ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ الذي أَفْطَرَ في رَمَضَانَ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً، أَو يَنْحَرَ جَزُورًا"، فقالَ سَعِيدٌ: كَذَبَ عَطَاءٌ، إنَّمَا قالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "تَصَدَّقْ تَصَدَّقْ" (¬1).
[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: الكُوفِيُّونَ يَقُولُونَ في كَفَّارَةِ الوَاطِئِ في رَمَضَانَ بِمِثْلِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، أَنْ يَعْتِقَ أَوَّلاً رَقَبَةً، فَإنْ لم يَجِدْهُ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ (¬2)، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينَاً، على حَسَبِ كَفَّارَةِ الظَّهَارِ (¬3).
وقالَ أَهْلُ المَدِينَةِ: لَيْسَتْ مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، لأَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَيَّرَ فِيهَا المُكَفِّرَ، ولَيْسَ في كَفَّارَةِ [الظِّهَارِ] (¬4) تَخْيِير، فَوَجَبَ بهذَا الحَدِيثِ أَنْ لَا تَكُونَ مِثْلَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، والذي يَسْتَحِبُّ مَالِكٌ الإطْعَامَ، لأن به وَاقعُ تَكْفِيرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الوَاطِيءِ في رَمَضَانَ.
[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: سألتُ أبا مُحَمَّدٍ عَنْ حَدِيثِ أَبي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوبَانَ، عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قالَ: " [أَفْطَرَ] (¬5) الحَاجِمُ والمَحْجُومُ" (¬6)، فقالَ لِي أَبو مُحَمَّدٍ: لَيْسَ في هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وقدْ رَوَى أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمةَ، عَنِ ابنِ عبَّاسٍ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وَهُو صَائِمٌ" (¬7).
¬__________
(¬1) رواه أحمد في العلل (5454)، وأبو داود في المراسيل (103)، والعقيلي في الضعفاء 3/ 406، والدارقطني في العلل 24610، وابن عبد البر في التمهيد 21/ 9، من طريق إلى عطاء الخراساني.
(¬2) جاء العبارة في الأصل هكذا: فإن لم يجده (لا يعتق منه رقبة) صام شهرين متتابعين، وما كان بين القوسين مقحمة، والصواب حذفها مراعاة للسياق.
(¬3) ينظر: المبسوط 2/ 203، وحاشية ابن عابدين 2/ 412.
(¬4) جاء في الأصل: (الصيام) وهو خطأ، لأنه خلاف ما يقتضيه السياق، وينظر: التمهيد 7/ 164، والمنتقى 2/ 54.
(¬5) جاء في الأصل: (افطار) وهو خطأ.
(¬6) رواه أبو داود (2367)، وابن ماجه (1680)، وأحمد 5/ 277، من حديث أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي به.
(¬7) رواه أبو داود (2375)، والطبراني في المعجم الكبير 11/ 234، والبيهقي في السنن 4 =

الصفحة 291