كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 1)
[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: سَمِعْتُ بَعْضَ الفُقَهَاءِ يَقُولُ: "مَرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على حَاجمٍ ومَحْجُومٍ وَهُمَا يَغْتَابَانِ رَجُلاً، فقالَ - عليهِ السَّلاَمُ -: أَفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ" (¬1)، ولِهَذا قالَ سُفْيَانُ: (إنَّ الغِيبَةَ تُفْطِرُ الصَّائِمَ) (¬2).
[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: إنَّمَا كُرِهَتِ الحِجَامَةُ للصَّائِمِ خِيفَةَ التَّغْرِيرِ بالصَّائِمِ، لِئَلَّا يُمْنَعَ المُحْتَجِمُ أَو يَضْعُفَ (¬3)، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لإفْطَارِه، فإذا احْتَجَمَ وسَلِمَ لَمْ يَكُنْ بهِ بَأْسٌ.
[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: روَى سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ وَجَدَ اليَهُودَ الذينَ كَانُوا بِها يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: في هَذا اليوم أَظْهَرَ اللهُ مُوسَى على فِرْعَون، فَنَحْنُ نَصُومهُ تَعْظِيماً لَهُ، فقالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُم، فَصَامَهُ وأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ قالَ: مَنْ شَاءَ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، ومَنْ شَاءَ تَرَكَهُ" (¬4).
[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: صِيَامُ يومَ عَاشُورَاءَ مُرَغَبٌ فيهِ، ولَا يُصَامُ إلَّا بِتَبيِّتٍ كمَا لا يُصَامُ رَمَضَانُ إلَّا بِتَبيِّتٍ.
* وقَدْ أَمَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ الحَارِثَ بنَ هِشَامٍ أَنْ يَصُومَهُ هُوَ وأَهْلُهُ وأَمَرَهُ أَنْ يُبيتَ الصِّيَامَ [1054].
قالَ أَبو عُمَرَ: مَنْ كَانَتْ لهُ نيّهٌ في صِيَامِ يومِ عَاشُورَاءَ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ ذَلِكَ اليومِ نَسِيَ أَنْ يُبيِّتَ الصِّيَامَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَيْلَةُ يومِ عَاشُورَاءَ، فَلَمَّا
¬__________
= / 263، بإسنادهم إلى أيوب به.
(¬1) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 99، وذكره ابن حجر في الفتح 4/ 178، وضعفه.
(¬2) لم أجده عن سفيان، وإنما ورد هذا القول مرفوعا، ولكنه ضعيف، ينظر: نصعب الراية 2/ 482.
(¬3) لعله يريد: لئلا يعرض نفسه للهلكة والضعف.
(¬4) رواه البخاري (1900)، وابن ماجه (1734)، وأحمد 1/ 231، بإسنادهم إلى سعيد بن جبير به.
الصفحة 292