طَلْحَةَ بنِ عبدِ [الله] (¬1) بنِ عَوْفِ أَنَّه قالَ: (صَلَّيْتُ مَعَ ابنِ عبَّاسِ على جِنَازَة، فَقَرأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ) (¬2)، فقالَ لِي أَبو مُحَمَّدٍ: ثَبَتَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قالَ في المَيِّتِ: "أَخْلِصُوه بالدُّعَاءِ" (¬3)، وإذا قَرَأَ المُصَلِّي على المِيِّتِ بأُمِّ القُرْآنِ كَانَتْ قِرَأتهُ بينَ اللهِ وبينَ القَارِئ، ولمْ يَكُنْ للَمَيِّتِ مِنْ ذَلِكَ شَيءٌ، وقدْ أَمَرَنا - عليهِ السَّلاَمُ - أَنْ [نُخْلِصَهُ] (¬4) بالدُّعَاءِ.
قِيلَ لَهُ: قدْ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ صَلاَةٍ لا يُقْرَأُ فِيها بأُمِّ القُرْآنِ فِهِي خِدَاجٌ" (¬5)، قالَ: تِلْكَ صَلاَةٌ يَكُونُ فِيهَا رُكُوع وسُجُودٌ، والصَّلاَةُ على الجَنَائِزِ إنَّما هُو دُعَاءٌ للمِيِّتِ، كَمَا أَمَرَ - صلى الله عليه وسلم -.
روى مَالِكٌ عَنْ أَبي النَّضْرِ: (أَنَّ عَائِشَةَ أَمَرَتْ أَنْ يُمَرَّ عَلَيْهَا بِسَعْدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ حِينَ ماتَ لِكَي تُصَلِّي عليهِ، فأَنْكَر النَّاسُ عَلَيْها ذَلِكَ) [782]. قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: لَمْ يَسْمَعْ أَبو النَّضْرِ مِنْ عَائِشَةَ، وحَدِيثُهُ عَنْهَا مُرْسَلٌ.
فقُلتُ لَهُ: فقدْ روَى ابنُ أَبي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحّاكِ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبي النَّضْرِ، عَنْ أَبي سَلَمةَ، عَنْ عَائِشَةَ قالتْ: (واللهِ مَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على ابْنَي بَيْضَاءَ سَهْلاً وسُهَيْلاَ إلَّا في المَسْجِدِ) (¬6)، فقالَ لِي أَبو مُحَمَّدٍ: هذَا حَدِيثٌ ليسَ بِثَابِتٍ، وابنُ أَبي فُدَيْكٍ ضَعِيفٌ، وقدْ أَنْكَرَ النَّاسُ على عَائِشَةَ إذْ أَمَرَتْ أَنْ يُمَرَّ عَلَيْهَا بِسَعْدٍ في المَسْجِدِ لِتَدْعُو لَهُ (¬7)، وفِي خُرُوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ المَسْجِدِ إلى المُصَلَّى لِيُصَلِّي
¬__________
(¬1) جاء في الأصل: عبد الرحمن، وهو خطأ، وطلحة بن عبد الله هو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف.
(¬2) رواه البخاري (1270)، وأبو داود (3198)، بإسنادهما إلى ابن عيينة به.
(¬3) رواه أبو داود (3199)، وابن ماجه (1497)، من حديث أبي هريرة، وليس في الحديث نهي عن القراءة، وإنَّما فيه الدعاء له بالإخلاص.
(¬4) جاء في الأصل: نخلصوه، وهو خطأ، والصواب ما أثبته.
(¬5) تقدم تخريج هذا الحديث في كتاب الصلاة، وهو حديث صحيح مشهور.
(¬6) رواه مسلم (973)، وأبو داود (3190)، بإسنادهم إلى إسماعيل بن أبي فديك به.
(¬7) قال ابن حجر في الفتح 3/ 199: إن عائشة لما أنكرت ذلك الإنكار سلّموا لها، فدل على أنها حفظت ما نسوه.