كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 1)

وقالَ ابنُ مُزَيْنِ (¬1): إنَّما سُمِّي النَّبَّاشُ مُخْتَفِيًا، لأَنه يَخْتَفِي بِقَلْعِ أَكْفَانِ المَيِّتِ مِنْ عَلَيْهِ، فإذا أَخْرَجَ الكَفَنَ مِنَ القَبْرِ قُطِعَتْ يَدَهُ إذا سَاوَى رُبْعَ دِينَارٍ.
* قُوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في دُعَائهِ: "وَأَلْحِقْنِي بالرَّفِيقِ الأَعْلَى" [816]، سَألَ أَنْ يُلْحِقَهُ اللهُ بأعْلَى مَرَافِقِ الجَنَّةِ وأَحْسَنِها، وقدْ عَلِمَ أَنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ ذُنوبَهُ، ولَكِنَّهُ دَعَا بِهَذا لِيَكُونَ دُعَاؤُهُ زِيَادَة في عِلْمِه.
* قَوْلُهُ - عليهِ السَّلَامُ -: "إذا مَاتَ أَحَدُكم عُرِضَ عليهِ مَقْعَدُهُ بالغَدَاةِ والعَشِيِّ" إلى آخِرِ الحَدِيثِ [818]، قالَ الفُقَهَاءُ: هذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِكِتَاب اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، قالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى في آلِ فِرْعَونَ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُّوًا وعَشِيًا، فَكَذَلِكَ يُعْرَضُ على المُؤْمِنِينَ مَقَاعِدُهم مِنَ الجَنَّةِ، ومَقَاعِدُ غَيْرِهِم مِنَ النَّارِ، ويَنْظُرُونَ إليها على حَسَبِ مَا سبَتقَ لَهُم في عِلْمِ اللهِ.
* قَوْلُهُ - عليهِ السَّلَامُ -: "إنَّما نَسَمَةُ المُؤْمِنِ طَيْرٌ يُعَلَّقُ في شَجَرِ الجَنَّةِ حتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ إلى جَسَدِه يَوْمَ القِيَامَةِ" [818] قالَ عِيسىَ: مَنْ رَوَى (يُعَلَّقُ) بِفَتْحِ اللَامِ -فَمَعْنَاهُ تَأوِي إلى شَجَرةِ الجَنَّةِ، ومَنْ رَوَاهَا (يَعْلُقُ) بِرَفْعِ اللَامِ- فَمَعْنَاهُ تَرعَى في شَجَرِ الجَنَّةِ.
قالَ ابنُ مُزَيْنٍ: ورَوَى هُزَيْلُ بنُ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قالَ؛ (أَرْوَاحُ الشُّهَداءِ في أَجْوَافِ طَيْرِ خُضْير تَرْعَى في الجَنَّةِ حيثُ شَاءَت، وأَرْوَاحُ أَوْلَادِ المُؤْمِنينَ في أَجْوَافِ عَصَافِير تَرْعَى في الجَنةِ، وتَأوِي إلى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَيما بالعَرْشِ، وإنَّ أَرْوَاحَ آلِ فِرْعَوْنَ في أَجْوَافِ طَيْرٍ سُودٍ تَغْدُو وتَرُوحُ في النَّارِ، ذَلِكَ عَرْضُهَا، قالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} (¬2) [غافر: 46].
¬__________
(¬1) جاء في الأصل: (محمد بن مزين)، وهو خطأ، وابن مزين هو يحيى بن إبراهيم بن مزين القرطبي، وتقدم مرارا، وسيأتي أيضًا.
(¬2) والأثر رواه هناد بن السري في الزهد (366)، وابن أبي شيبة في المصنف 13/ 165، والطبراني في المعجم الكبير 9/ 255، واللالكائي في أصول أعتقاد أهل السنة 6/ 1149 بإسنادهم هزيل بن شرحبيل به. ورواه مسلم (1887) بإسناده إلى مسروق =

الصفحة 304