كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 1)
المُشْتَرِي، وقِيلَ: إنَّ لَهُ الإثْنتَيْ عَشَرَ، بِسَببِ ضَمَانِهِ البَعِيرَ لَو مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْهُ، وأَحسَنُ لَهُ أَنْ يَتَورَّعَ عَنْ أَخْذِ الزِّيَادَة.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: العِينَةُ المَكْرُوهةُ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ للرَّجُلِ: بِعنِي سِلْعَةَ كَذَا إلى أَجَلِ كَذَا، فَيقُولُ: مَا عِنْدِي ولَكَن ابْتَاعُها لَكَ بِعَشَرَة وأَبِيعُكَها باثنَتِي عَشَرَ، فَهذا لا يَجُوزُ، لأَنَّها عَشَرَ نَقْدَاً باثْنَتِي عَشَرَ إلى أَجَلٍ والسِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا مُلْغَاة.
قالَ: والعِينَةُ الجَائِزَةُ أَنْ يَسْتَعِدَّ الرَّجُلُ بالسِّلَعِ لِمَنْ يَشْتَرِيها مِنْهُ، فَمَنْ جَاءَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوَاعِدَهُ بَاعَ مِنْهُ بِنَقْدٍ وإلى أَجَلٍ.
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: أَرسَلَ مالك في المُوطَّأ حَدِيثَ النَّهِي عَنْ بَيْعِ الغَرَرِ.
وحدَّثنا بهِ أَبو مُحَمَّدِ بنُ عُثْمَانَ (¬1)، قالَ: حدَّثنا أَحمَدُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ ابنِ وَضَّاحٍ، عَنِ ابنِ أَبي شَيْبَةَ، عَنِ ابنِ إدرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الأَغرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَّهُ نَهى عَنْ بَيْعِ الغَرَرِ" (¬2)، وذَكَرَ الحَدِيثَ مُسْنَداً.
* قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً على أَنَّهُ لا نُقْصَانَ على المُبْتَاعِ أَنَّهُ مِنْ بَيع الغَرَرِ والمُخَاطَرَةِ.
قالَ أبو المُطَرِّفِ: إنَّمَا لَمْ يَكُنْ حُكْمُ فَسَادِ هذه الصَّفْقَةِ كَحُكْمِ البَيْعِ الفَاسِدِ الذي تَكُونُ فِيهِ القِيمَةُ إذا فَاتَتِ السِّلْعَةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ بَائِعِ هذِه السِّلْعَةَ بِهذا الشَّرطِ أَبْقَى حُكْمَهُ فِيها بِقَوْلهِ للذي بَاعَها مِنْهُ: بعها ولَا نُقْصَان عَلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ حُكْمُهُ بَاقٍ فِيها كَانَ لَهُ مَا زَادَ على الثَّمَنِ الذي بَاعَها بهِ وعَلَيْهِ مَا نَقُصَ، وكَانَ لَهُ أُجْرَةُ البَائِعِ في بَيْعِهِ إيَّاها واقْتَضائِهُ ثَمَنُها، وأَمَّا إذا بَاعَ الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ سِلْعَة بِثَمَنٍ
¬__________
(¬1) هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الأسدي القرطبي.
(¬2) رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف 6/ 132 عن عبد الله بن إدريس به، ورواه مسلم (1513)، والترمذي (1230)، والنسائي 7/ 262، وابن ماجه (2194)، بإسنادهم إلى عبيد الله بن عمر العُمَري به.
الصفحة 471