كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 2)

الزِّنْدِيقَ الذي يُظْهِرُ الإسْلاَمَ، ويُسَرُّ الكُفْرَ، وتَشْهَدُ [بِذَلِكَ عَلَيْهِ] (¬1) البيِّنَةُ، فإنَّهُ يُقْتَلُ ولَا يُسْتَتَابُ، وَيكُونُ مِيرَاثُهُ للمُسْلِمِينَ فَيْئَاً إذا قالَ: إنِّي تَائِبٌ مِمَّا شُهِدَ بهِ عَلَيَّ، وهَذَا قَوْلُ ابنِ نَافِعٍ.
وقَالَ ابنُ القَاسِمِ: بلْ يَكُونُ مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ المُسْلِمينَ.
وقالَ ابنُ بُكَيْرٍ البَغْدَادِي (¬2): قَدْ عَارَضَ مُعَارِضٌ في الزِّنْدِيقِ الذي تَأْسُرُهُ البيِّنَةُ فَيَقُولُ: إنِّي تَائِبٌ، [فَيُقْتَلُ] (¬3)، فَقَالَ المُعَارِضُ: هَلْ عِنْدَكُمْ كَافِرٌ أَمْ غَيْرِ كَافِرٍ؟، فإنْ كَانَ كَافِرًا فَلَا [يَرِثْهُ] (¬4) وَرَثتهُ [المُسْلِمُونَ] (¬5)، وإنْ كَانَ غَيْرَ كَافِرٍ فَلَا يُقْتَلُ.
قالَ ابنُ بُكَيْرٍ: فَيُقَالُ لِمَنْ قالَ هَذا: قَدْ حَكَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في ابنِ وَلِيدَةِ زُمْعَةَ بأنْ أَلْحَقَهُ بِزُمْعَةَ، ثُمَّ أَمَرَ أُخْتَهُ سَوْدَةَ بنتَ زُمْعَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ لِمَا [رَأَى] (¬6) مِنْ شَبَهِه بِعُتْبَةَ، فَهُوَ لِسَوْدَةَ أَخٌ في النَّسَبِ والمُوَارَثَةِ (¬7)، وحُكْمُهُ في الحِجَابِ غَيْرُ حُكْمِ الأَخ، فَكَذَلِكَ الزَّنْدِيقُ حُكْمُهُ حُكْمُ الكَافِرِ في القَتْلِ، وحُكْمُهُ حُكْمُ المُسْلِمِ في المِيرَاثِ.
* قالَ أَبو المُطَرِّفٍ (¬8): قَوْلُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: "هَلْ مِنْ مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ " [2728]، يَعْنِي: هُلْ كَانَ فِيكُم مِنْ أَمْرٍ غَرِيبٍ لا عَهْدَ لَكُمْ بِمِثْلِهِ.
¬__________
(¬1) في (ق): عليه بذلك.
(¬2) هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن بكير البغدادي القاضي الفقيه، روى عن القاضي إسماعيل وغيره، توفي سنة (305)، ينظر: جمهرة تراجم الفقهاء المالكية 2/ 1000.
(¬3) في نسخة القيروان: ثم يقتل.
(¬4) من (ق)، وفي الأصل: يرثونه.
(¬5) من (ق)، وفي الأصل: المسلمين.
(¬6) من (ق)، وفي الأصل: أرى.
(¬7) هذا حديث مشهور رواه البخاري (1948)، ومالك في الموطأ (2736) وغيرهما من حديث عائشة.
(¬8) في (ق): ع.

الصفحة 512