كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 2)

القَضَاءُ فِيمَنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأةٍ رَجلًا فَقَتَلَها،
وحُكْمُ المَنْبُوذِ
قالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] قال سَعْدٌ (¬1): "يا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إن رَأَى رَجُل مَعَ امْرَأتِهِ رَجُلًا فَقتَلَهُ فتَقْتُلُونَهُ، وإنْ أَخْبَرَ بِمَا رَأَى جُلِدَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، أَفَلا يَضْرِبُهُ بالسَّيْفِ؟ فقالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: كَفَى بالسَّيْفِ شَا"، أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: كَفَى بالسَّيْفِ شَاهِدًا، ثُمَّ أَمْسَكَ، وقالَ: "لَوْلاَ أَنْ يَتَتَابَعَ فِيهِ الغَيْرَانُ والسَّكْرَانُ"، فأَمْسَكَ عَنِ الجَوَابِ خِيفَةَ أَنْ تُسْتَبَاحَ الدِّمَاءُ بالدَّعَاوَى.
قالَ أَبو عُبَيْدٍ: والتّتابعُ التَّهَافُتُ، وفِعْلُ الشَّيءِ (¬2) بَغْيرِ تَثَبُّتٍ (¬3).
ومَعْنَى هَذا الحَدِيثِ: أَنْ يَأتِي الرَّجُلُ الغَيُورُ فَيَجِدُ في دَارِهِ بَعْضَ مَنْ لَا يَجِبُّ قَتْلَهُ إنْ دَخَلَها، فَيَظُنُّ بهِ ظَنَّ سُوءٍ فَيَقْتُلَهُ، أَو يَأتِي وَهُوَ سَكْرَانُ فَيَقْتُلُ مَنْ لَا يَجِبُّ أَنْ يَقْتُلَهُ، ثُمَّ يَدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأتِهِ، فَلَوْلاَ هَذَانِ السَّبَبانِ مَا كَانَ على مَنْ وَجَدَ مَعَ امْرْأتِهِ مَنْ يُزَانِيهَا قَوَدًا إذا قَتَلَهُ، فإذا وَجَدَ مَعَهَا مَنْ يُزَانِيهَا فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أتى بأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ يَشْهَدُونَ أَنَّهُم رَأَوا ذَلِكَ مِنْهُ ومِنْهَا كالمِرْوَدِ في المَكْحَلَةِ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ القَوَدُ.
¬__________
(¬1) سعد هو ابن عبادة، وأصل هذا الحديث في صحيح مسلم (1497) من حديث أبي هريرة.
(¬2) كذا في الأصل، وفي التمهيد 21/ 257، وجاء في غريب الحديث لأبي عبيد: (الشر) بدلا من كلمة (الشيء)، وكذا في النهاية لإبن الأثير 1/ 202.
(¬3) غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 132 - 133.

الصفحة 515