كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 2)

[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَعْنَى قَوْلِ أَبي قتَادَةَ: (فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ المَوْتِ)، يُرِيدُ: أَنُّهُ وَجَدَ عَضَّةَ المَوْتِ مِنْ شِدَّةِ ضَمِّهِ ذَلِكَ المُشْرِكُ لَهُ حِينَ عَطَفَ عَلَيْهِ بَعْدَ ضَرْبِ [أَبي] (¬1) قتَادَةَ إيَّاهُ بالسَّيْفِ.
وقَوْلُهُ: (فَبعْتُ الدِّرْعَ فَابْتَعْتُ بهِ مَخْرَفًا)، يَعْنِي: ابْتَعْتُ بِثَمَنِهِ حَائِطَ نَخْل في بَنِي سَلِمَةَ (¬2).
[يُخْتَرَفُ] (¬3) مِنْهُ التَّمْرُ، يُرِيدُ: يُجْتَنَى بهِ التَّمْرَ.
وقَوْلُهُ: (لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ في الإسْلَام)، يِعْنِي: اكْتَسَبْتُهُ في الإسْلَامِ، واكْتِسَابُ المَالِ الحَلَالِ مُرَغَّبٌ فِيهِ، وقَدْ قَالَ النبيُّ لعَمْروِ بنِ العَاصِ: "نِعْمَ المَالُ الصَّالِحُ للرَّجُلِ الصَّالِحُ" (¬4).
قالَ ابنُ القَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ الإمَامُ بَعْدَ أن بَرَدَ القِتَالُ: (مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، أُخْرِجُهُ لَهُ مِنَ الخُمُسِ)، إذا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الإمَامِ على وَجْهِ الإجْتِهَادِ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: ولَا أُحِبُّ للإمَامِ أَنْ يَبْعَثَ الخَيْلَ ويَجْعَلَ لِمَنْ أَصَابَ مِنْهُمْ شَيْئًا جُزْءَ مَعْلُومًا مِنَ الغَنِيمَةِ، لأَنَّ في ذَلِكَ فَسَادُ نِيَّاتِ النَّاسِ، وكَرِهَهُ مَالِكٌ.
وقَالَ: لَوْ خَرَجَ قَوْمٌ في مِثْلِ هَذا الوَجْهِ المَكْرُوهِ، فَخَرَجَ مَعَهُمْ رِجَالٌ لَمْ يَقْصِدُوا بِخُرُوجِهِمْ مَعَهُمْ قَصْدَ أُولَئِكَ، وإنَّمَا خَرَجَ هَؤُلَاءِ رَغْبَة في الجِهَادِ، ونكِهَايَةُ للعَدُوّ، لَمْ [يَكُنْ] (¬5) بِخُرُوجِهِمْ مَعَهُمْ بَأْسٌ (¬6).
¬__________
(¬1) زيادة لابد منها.
(¬2) سلمة -بكسر اللام- هم بطن من الأنصار، وهم قوم أبي قتادة.
(¬3) جاء في الأصل: يحترب، وهو خطأ.
(¬4) رواه أحمد 1974، والبخاري في الأدب المفرد (299)، بإسنادهما إلى عمرو بن العاص.
(¬5) ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السياق، وقد أشار الناسخ إلى سقطا ما في الهامش ولكنه لم يظهر في التصوير
(¬6) ينظر قول ابن القاسم ونقله عن مالك في: المدونة 3/ 59.

الصفحة 588