كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 2)

أُمَّتِي تُقَاتِلُ الدَّجَّالَ" (¬1)، فَهَذا الحَدِيثُ يُقَوّي الأَؤلَ أَنَّ الجِهَادَ يَبْقَى في هَذِه الأُمَّةِ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ.
* [قالَ] عَبْدُ الرحْمَنِ: في مُسَابَقَةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الخَيْلِ [1696]، مِنَ الفِقْهِ: رِيَاضَةُ الخَيْلِ المُعَدَّةِ للجِهَادِ، وأَنَّ المُسَابَقَةَ بَيْنَ الخَيْلِ سُنَّة، وأَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ تُجْرَى في المُسَابَقَةِ الأَمْيَالَ.
* قالَ يَحْيىَ بنُ مُزَيْنِ: بَيْنَ الحَفْيَاءِ وبَيْنَ الوَدَاعِ خَمْسَةُ (¬2) أَمْيَالِ، وبَيْنَ الثَّنِيَّةِ ومَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ نَحْو مِنْ مِيل، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا ثَنِيَّةُ الوَدَاعِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَدَّعَ بِهَا أَصْحَابَهُ في خُرُوجِهِ إلى بَعْضِ أَسْفَارِهِ (¬3) [1696].
وَجَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للخَيْلِ التِّي [لَمْ] (¬4) تُضَمَّرْ غَايَةً في الجَرِي دُونَ غَايَةِ التَّي قَدْ أُضْمِرَتْ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ المُضَمَّرَةَ أَقْوَى عَلَى الجَرِي مِنَ التَّي لَمْ تُضَمَّرْ، وفي هَذِه إشَارَ إلى النَّاسِ لَا يَسْتَوُونَ في العِبَادَاتِ، وَحَسَبُ كُلِّ إنْسَانِ أَنْ يَتكَلَّفَ مِنْهَا مَا يُطِيقُ ويَدُومُ عَلَيْهِ.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَوْلُ ابنِ المُسَيَّبِ: (لَا بَأْسَ بِرِهَانِ الخَيْلِ إذا دَخَلَ فِيهَا مُحَلِّلٌ) [1679]، يَعْنِي: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَرَاهَنَ الرَّجُلَانِ فَيُخْرِجُ هَذَا مِنْ مَالِهِ سَبْقًا دِينَارًا أَو مَا أَشْبَهَهُ، ويُخْرِجُ الثَّانِي مِنْ مَالِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيُدْخِلَانَ مَعَ أَنْفُسِهِمَا رَجُلًا بِفَرَسِهِ لَاحِقًا بالفَرَسَيْنِ اللَّذَيْنِ للرَّجُلَيْنِ المُخْرِجَيْنِ للسَّبْقِ، وَلَا يُخْرِجُ صَاحِبُ ذَلِكَ الفَرَس شَيْئَا مِنْ مَالِهِ، وَهَذا هُوَ المُحَلّلُ، ثُمَّ يُجْرُونَ خَيْلَهُمْ، فإنْ سَبَقَ أَحَدُ الفَرَسَيِنِ اللًّذَيْنِ أَخْرَجَا السَّبْقَ بَيْنَهُمَا كَانَ مَا أَخْرَجَا مِنْ مَالِهِمَا لِمَن سَبَقَ بِفَرَسِهِ مِنْهُمَا، وإنْ سَبَقَ الفَرَسُ الذِي لَمْ يُخْرِجْ صَاحِبُهُ شَيْئًا أَخَذَ السَّبْقَيْنِ جَمِيعًا.
¬__________
(¬1) رواه الداني في السنن الواردة في الفتن 3/ 750 من حديث الحسن البصري مرسلا، ورواه أبو داود (2532) وغيره من وجه آخر عن أنس بنحوه، بإسناده ضعيف أيضًا.
(¬2) عند ابن مزين: سبعة أميال.
(¬3) نقل ابن مزين هذا في تفسير كتاب الجهاد، الورقة (7 ب) عن يحيى بن يحيى.
(¬4) صوبه الناسخ في الحاشية، وكذا هو في الموطأ.

الصفحة 597