فِي هَذا الحَدِيثِ مِنَ الفِقْهِ: حَجُّ الرَّجُلِ بِزَوْجَتِهِ وإنْ كانَتْ حَامِلًا، والغُسْلُ عِنْدَ الإهْلاَلِ بالحَجِّ، وفي أَمْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - النُّفَسَاءِ بالغُسْلِ عِنْدَ الإحْرَامِ دَلِيلٌ على تَأْكِيدِ الغُسْلِ عِنْدَ الإحْرَامِ، إذْ يُؤْمَرُ بهِ مَنْ لَا يُصَلِّي، وَمَنْ تَرَكَهُ فَقَدْ أَثِمَ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ في ذَلِكَ فِدْيَةٌ.
سَأَلْتُ أبا مُحَمَّدٍ عَمَّا رَوَاهُ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، عَنْ [ابن] (¬1) أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لأَزْوَاجِهِ في حَجَّةِ الوَدَاعِ: (هَذِه، ثُمَّ ظُهُورُ الحُصُرِ)، فَقَالَ لِي أَبو مُحَمَّدٍ: هَذا حَدِيثٌ شِيعِيٌّ كَذِبٌ لا يَصِحُّ، وإنَّمَا أَرَادَ بهِ نَاقِلُهُ الطَّعْنَ عَلَى عَائِشَةَ بِخُروجِهَا في دَمِ عُثْمَانَ، وحَجُّهَا بَعْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَا كَانَتْ عَائِشَةُ لِتَسْمَعُ هَذا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ تُخَالِفُهُ (¬2).
* [قال] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: رَوَى يحيى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ نَافِعٍ، عَن إبْرَاهِيمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ [1154]، وَلَمْ يَذْكُر ابنِ بُكَيْرٍ نَافِعًا في هَذا المُسْنَدِ، وإنَّمَا قالَ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَن إبْرَاهِيمَ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَهَذا هُوَ الصَّحِيحُ (¬3).
[قال] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اخْتَلَفَ ابنُ عَبَّاسٍ وَالمِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ وَهُمَا بالأَبْوَاءِ، وَهِيَ بِقُرْبِ الجُحْفَةِ، فِي المُحْرِمِ يَغْتَسِلُ مِنَ الحَرِّ، هَلْ يَغْسِلُ رَأْسَهُ أَمْ لَا يَغْسِلُهُ؟
¬__________
(¬1) زيادة لابد منها، وهي موجودة في مصادر الحديث.
(¬2) الحديث رواه أبو داود (1722)، وأحمد 5/ 218، والبيهقي في السنن 4/ 327، بإسنادهم إلى زيد بن أسلم به. وأشار الحافظ ابن حجر في فتح الباري 4/ 74 إلى أن إسناده صحيح، وقال: وأغرب المهلب فزعم أنه من وضع الرافضة لقصد ذم أُمّ المؤمنين عائشة في خروجها إلى العراق للإصلاح بين الناس في قصة وقعة الجمل، وهو إقدام منه على رد الأحاديث الصحيحة بغير دليل، والعذر عند عائشة أنها تأولت الحديث المذكور كما تأوله غيرها من صواحباتها على ان المراد بذلك أنه لا يجب عليهن غير تلك الحجة ... إلخ. وقوله: (ظهور الحُصُر) منصوب على تقدير (ثم الْزَمْنَ)، والحصر جمع حصير، وهو ما يفرش في البيوت، والمراد أن يلزمن بيوتهن ولا يخرجن منها.
(¬3) موطأ مالك برواية ابن بكير، الورقة (59 أ)، نسخة تركيا.