كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 2)
بابُ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ،
إلى آخِرِ بَابِ الحِلَاقِ، والتَّقْصِيرِ
* قالَ أَبو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَوْنِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثنا ابنُ الأَعْرَابِيِّ، قالَ: أَخبرنا أَبو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثنا [الحَسَنُ] (¬1) بنُ عَلَي، عَنْ أَبي أُسَامَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زيدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِف إلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ" (¬2)، وذَكَرَ الحَدِيثَ وأَسْنَدَهُ، وهَذا عِنْدَ مَالِكٍ بَلَاغٌ غَيْرُ مُسْنَدٍ [1448].
قالَ عِيسَى: بَطْنُ عُرَنَةَ هُوَ بِعَرَفَةَ بِغَرْبِيّ جدَارِ مَسْجِدِ عَرَفَةَ، يُقَالُ: لَو سَقَطَ ذَلِكَ الجِدَارُ مَا سَقَطَ إلَّا في وَادِي عُرَنَه (¬3)، وهَذَا مَكَان لَيْسَ يَقِفُ أَحَدٌ فِيهِ للدُّعَاءِ، وإنَّمَا يَرْتَفِعُ النَّاسُ عَنْهُ، وبَطْنُ مُحَسِّرٍ هُوَ وَادٍ دُونَ المُزْدَلِفَةِ، لَيْسَ يَقِفُ فِيهِ أَحَدٌ للدُّعَاءِ إذا وَقَفَ النَّاسُ صَبِيحَةَ يَوْمِ النَّحْرِ عِنْدَ المِشْعَرِ الحَرَامِ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: رَوَى هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَتْ قُرَيْشٌ ومَنْ دَانَ دِينُها يَقِفُونَ بالمُزْدَلِفَةِ بِقُزَحٍ، وَهُوَ مَوْضِعُ المَنَارَةِ، وكَانَ النَّاسُ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ، فَلَمَّا جَاءَ الإسْلَامُ أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَأْتِي عَرَفَاتَ وأَنْ يَفِيضَ مِنْهَا)، وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (¬4) [البقرة: 199].
¬__________
(¬1) جاء في الأصل: الحسين، وهو خطأ، والحسن بن علي هو الخلال الحلواني، شيخ الأئمة الستة إلا النسائي، ينظر: تهذيب الكمال 6/ 260.
(¬2) سنن أبي داود (1937) عن الحسن بن علي الحلواني به، ولكن ليس فيه (إلا بطن عرنة)
(¬3) نقل قول عيسى: ابن مزين في تفسيره، رقم (11).
(¬4) والحديث في صحيح البخاري (4248)، ومسلم (1219)، بإسنادهما إلى هشام بن عروة به.
الصفحة 646