كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 2)
فَالوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَرِيضَة مِنْ فَرَائِضِ الحَجِّ.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: (مَنْ [لَمْ يَقِفْ] (¬1) بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلَةِ المُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الفَجْرُ فَقَدْ أَدْرَكَ الحَجَّ، فإنْ فَاتَهُ الوُقُوفُ بهَا حَتَّى يَطْلُعَ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ المُزْدَلِفَةِ فَقَدْ فَاتَهُ الحَجُّ يَحِلُّ بعُمْرَةٍ وعَلَيْهِ حَجُّ قَابلٍ والهَدْي) [1455] , هَذا القَوْلُ مِنِ ابنِ عُمَرَ مُوَافِقٌ لِمَا رَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ [عَطَاءٍ] (¬2)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَعْمُرٍ قالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَةَ فَجَاءَهُ نَاس مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَأَمَروا رَجُلَا مِنْهُم فَنَادَى: كَيفَ الحَجُّ، فأَمَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا فَنَادَى: الحَجُّ يَوْمُ عَرَفَةَ، مَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ لَيْلَةِ المُزْدَلِفَةِ عَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ
حَجُهُ) (¬3).
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بِهَذا الحَدِيثِ أَخَذَ أَهْلُ المَدِينَةِ، وَبِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ طَرِيقِ ابنِ عُمَرَ: (أَّنهُ [مَنْ لَمْ يَقِفْ] (¬4) بعَرَفَةَ قَبْلَ الفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ المُزْدَلِفَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الحَجَّ) [1455] , ولَيْلَةُ المُزْدَلِفَةِ لَيْلَةُ النَّحْرَ.
فأَمَّا حَدِيثُ عُرْوَةَ بنِ مُضَرِّسٍ الذي ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ أَتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالمُزْدَلِفَةِ فَسَمِعَهُ يَقُولُ: "مَنْ أَدْرَكَ مَعَنا هَذِه الصَّلَاةُ"، يَعْنِي صَلَاةَ الصّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ بالمُزْدَلِفَةِ، "وأَتَى قَبْلَ ذَلِكَ عَرَفَةَ لَيْلَا أَو نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ" (¬5)، فَهَذا حَدِيثٌ قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ وعَلَّلُوهُ، ولَمْ يَأْخُذْ بهِ مَالِكٌ، والوُقُوفُ بِعَرَفَةَ يَكُونُ بالنَّهَارِ وباللَّيْلِ، ويُجْزِيء الوُقُوفُ فِيهَا باللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ، ولَا يُجْزِيُّ الوُقُوفُ فِيهَا بالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ، ومَنْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلَمْ يَرْجِعْ إليهَا، ويُدْرِكُ الوُقوفَ بِها
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفتين من الموطأ، وجاء في الأصل: (من وقف) وهو خطأ.
(¬2) جاء في الأصل: (الأَشَج) وهو خطأ، وبكير بن عطاء هو الليثي الكوفي، وهو تابعي ثقة، ينظر: تهذيب الكمال 4/ 249.
(¬3) رواه أبو داود (1949)، وأحمد 4/ 309، بإسنادهما إلى سفيان الثوري به.
(¬4) ما بين المعقوفتين من الموطأ، وجاء في الأصل: (أنه وقف بعرفة) وهو خطأ.
(¬5) رواه أبو داود (1950)، والترمذي (891)، والنسائي (3039)، وابن ماجه (3016)، وهو حديث صحيح.
الصفحة 647