كتاب تفسير الموطأ للقنازعي (اسم الجزء: 2)
يَطُفْنَ بَعْدَ ذَلِكَ للوَدَاعِ، فَهُنَّ لا يَبْقِينَ لِذَلِكَ، لأَنَّ النَّاسَ قَدَّمْنَهُن يَوْمَ النَّحْرِ، فَطُفْنَ طَوَافَ الإفَاضَةِ خِيفَةَ حَيْضِهِنَّ فَلِهَذا انتفَعَنَ بِطَوَافِ الإفَاضَةِ، وخَرَجْنَ إلى بِلاَدِهِنَّ، وتَرَكْنَ طَوَافَ الوَدَاعِ الذي لَيْسَ بِفَرْضٍ.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: ذَكَرَ ابنُ بُكَيْبر فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ (¬1): "أَن أُمَّ سُلَيْمِ بنْتِ مِلْحَانَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وحَاضَتْ، أَو وَلَدَتْ بَعْدَما أَفَاضَتْ يَوْمَ اَلنَّحْرِ، فأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَتْ" [1558]، يَعْنِي: خَرَجَتْ مِنْ مَكَّةَ ولَمْ تَطُفْ طَوَافَ الوَدَاعِ.
* قالَ مَالِكٌ: (وإذا حَاضَتِ المَرْأةُ بِمِنَى قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ للإفَاضَةِ فإنَّهَا تُقِيمُ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَطُوفَ بالبَيْتِ للإفَاضَةِ، وَيُحْبَسُ عَلَيهَا كَرِيُّهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَحْبِسُ الحَائِضَ الدَّمُ، حَتَّى تَطُوفَ طَوَفَ الإفَاضَةِ، ثُمَّ يَخْرُجَ بِهَا إلى بِلاَدِهَا، ولَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُعِينَهُ فِي العَلَفِ) [1559 - 1560] (¬2).
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: أَمَّا الاَنَ فَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا كَرِيُّهَا، ويُفَاسِخُهَا الكِرَاءَ، لِتَغَيُّيرِ الحَالِ وفَسَادِ النَّاسِ، وتَبْقَى هِيَ بِمَكَّةَ، لَا بُدَّ لَهَا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى تَطُوفَ طَوَافَ الإفَاضَةِ ثُمَّ تَخْرُجُ.
* * *
¬__________
(¬1) موطأ مالك برواية ابن بكير، الورقة (85 أ)، نسخة تركيا.
(¬2) ينظر شرح هذا القول لمالك في كتاب: التاج والإكليل 3/ 138.
الصفحة 666