كتاب الجهاد لعبد الله بن المبارك - ط المطبوعات الحديثة (مقابل)
101- سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ المُبَارَكِ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ, قَالَ: خَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ مِنْ مَكَّةَ، فَجَزِعَ أَهْلُ مَكَّةَ جَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يُطْعَمُ إِلاَّ خَرَجَ يُشَيِّعُهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِأَعْلَى الْبَطْحَاءِ, أَوْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَفَ وَوَقَفَ النَّاسُ حَوْلَهُ يَبْكُونَ، فَلَمَّا رَأَى جَزْعَ النَّاسِ, قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ رَغْبَةً بِنَفْسِي عَنْ أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ اخْتِيَارَ بَلَدٍ عَنْ بَلَدِكُمْ، وَلَكِنْ كَانَ هَذَا الأَمْرُ فَخَرَجَتْ فِيهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا كَانُوا مِنْ ذَوِي أَنْسَابِهَا، وَلاَ فِي بُيُوتَاتِهَا، فَأَصْبَحْنَا وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ جِبَالَ مَكَّةَ ذَهَبٌ فَأَنْفَقْنَاهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ, مَا أَدْرَكْنَا يَوْمًا مِنْ أَيَّامِهِمْ، وَايْمُ اللَّهِ لَئِنْ فَاتُونَا بِهِ فِي الدُّنْيَا لَنَلْتَمِسَنَّ أَنْ نُشَارِكَهُمْ فِي الآخِرَةِ، فَاتَّقَى اللَّهَ امْرُؤٌ خَرَجَ غَازِيًا, فَتَوَجَّهَ غَازِيًا إِلَى الشَّامِ، وَأَتْبَعَهُ ثَقَلُهُ، فَأُصِيبَ شَهِيدًا.
الصفحة 114