كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط الهند) (اسم الجزء: 8)

<67> قال وأجمع أهل العلم بالشعر أن لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها وذكر الزبير بن بكار عن محمد بن الحسن المخزومي وهو المعروف بابن زبالة أحد المتروكين عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه عن أبي وجزة عن أبيه قال حضرت الخنساء بنت عمرو السلمية حرب القادسية ومعها بنوها أربعة رجال فذكر موعظتها لهم وتحريضهم على القتال وعدم الفرار وفيها إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين وإنكم لبنوا أب واحد وأم واحدة ما هجنت آباءكم ولا فضحت أخوالكم فلما أصبحوا باشروا القتال واحدا بعد واحد حتى قتلوا وكان منهم أنشد قبل أن يستشهد رجزا فأنشد الأول يا إخوتي إن العجوز الناصحه قد نصحتنا إذ دعتنا البارحه بمقالة ذات بيان واضحه وإنما تلقون عند الصائحه من آل ساسان كلابا نابحه وأنشد الثاني إن العجوز ذات حزم وجلد قد أمرتنا بالسداد والرشد نصيحة منها وبرا بالولد فباكروا الحرب حماة في العدد وأنشد الثالث والله لا نعصي العجوز حرفا نصحا وبرا صادقا ولطفا فبادروا الحرب الضروس زحفا حتى تلفوا آل كسرى لفا وأنشد الرابع لست لخنساء ولا للأخرم ولا لعمرو ذي السناء الأقدم إن لم أرد في الجيش جيش الأعجم ماض على الهول خضم حضرمي وكل من الأسانيد أطول من هذا قال فبلغها الخبر فقالت الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته قالوا وكان عمر بن الخطاب يعطي الخنساء أرزاق أولادها الأربعة حتى قبض قلت ومن شعرها في أخيها ألا يا صخر لا أنساك حتى أفارق مهجتي ويشق رمسي يذكرني طلوع الشمس صخرا وأبكيه لكل غروب شمس ولولا كثرة الباكين حولي على أخوانهم لقتلت نفسي ومن شعرها فيه ألا يا صخر إن أبكيت عيني فقد أضحكتني دهرا طويلا ذكرتك في نساء معولات وكنت أحق من أبدى العويلا دفعت بك الجليل وأنت حي ومن ذا يدفع الخطب الجليلا إذا قبح البكاء على قتيل رأيت بكاءك الحسن الجميلا ويقال إنها دخلت على عائشة وعليها صدار من شعر فقالت لها يا خنساء هذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فقالت ما علمت ولكن هذا له قصة زوجني أبي رجلا مبذرا فأذهب ماله فأتيت إلى صخر §

الصفحة 67