كتاب القضاء والقدر للأشقر

وما قولكم في الحديث الذي فيه أن الله جعل عمر داود عليه السلام مائة سنة بعد أن كان أربعين سنة.
والجواب أن الأرزاق والأعمار نوعان:
نوع جرى به القدر وكتب في أم الكتاب، فهذا لا يتغير ولا يتبدل، ونوع أعلم الله به ملائكته فهذا هو الذي يزيد وينقص، ولذلك قال الله تعالى: (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) [الرعد: 39] . وأم الكتاب هو اللوح المحفوظ الذي قدر الله فيه الأمور على ما هي عليه.
ففي كتب الملائكة يزيد العمر وينقص، وكذلك الرزق بحسب الأسباب، فإن الملائكة يكتبون له رزقاً وأجلاً، فإذا وصل رحمه زيد له في الرزق والأجل، وإلا فإنه ينقص له منهما (¬1) .
" والأجل أجلان: أجل مطلق يعلمه الله، وأجل مقيد، فإن الله يأمر الملك أن يكتب لعبده أجلاً، فإن وصل رحمه، فيأمره بأن يزيد في أجله ورزقه. والملك لا يعلم أيزاد له في ذلك أم لا، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر، فإذا جاء الأجل لم يتقدم ولم يتأخر " (¬2) .
يقول ابن حجر العسقلاني: " الذي سبق في علم الله لا يتغير ولا يتبدل، والذي يجوز عليه التغيير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل، ولا يبعد أن يتعلق ذلك بما في علم الحفظة والموكلين بالآدمي، فيقع فيه المحو والإثبات، كالزيادة في العمر والنقص، وأما ما في علم الله فلا محو فيه ولا إثبات والعلم عند الله " (¬3) .
¬_________
(¬1) راجع مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 8/540.
(¬2) راجع المصدر السابق: 8/517.
(¬3) فتح الباري: 11/488.

الصفحة 67