كتاب القضاء والقدر للأشقر

على ما يقع منهم من أعمال مخالفة للشرع، ووصل بهم الحال إلى عدم التفريق بين الكفر والإيمان، وأهل الهدى والضلال، لأن جميع ذلك خلق الله، فلم التفريق؟
إن هذه العقيدة المنحرفة أضلت عقولاً كثيرة وانحرف مسارها عن جادة الحق والصواب، فاضطربت عندها موازين العدل والحق، وعطلت هذه العقيدة المنحرفة طاقات هائلة في العالم الإسلامي، أقعدتها عن العمل، بل جيَّرت أعمالها لمصلحة أعداء الإسلام في بعض الأحيان.
لقد كان من آثار هذه العقيدة الزعم بأن الله أحب الكفر والشرك والقتل والزنا والسرقة وعقوق الوالدين وغير ذلك من الذنوب والمعاصي، لأنهم يزعمون أن كل شيء خلقه الله وأوجده فهو يحبه ويرضاه.
ومن آثارها أن أصحابها تركوا الأعمال الصالحة الخيرة التي توصلهم إلى الجنة وتنجيهم من النار، وارتكبوا كثيراً من الموبقات بدعوى أن القدر آت آت، وكل ما قدر للعبد سيصيبه، فلماذا العمل والتعب والنصب.
لقد ترك هؤلاء الأخذ بالأسباب، فتركوا الصلاة والصيام، كما تركوا الدعاء والاستعانة بالله والتوكل عليه، لأنه لا فائدة منها، فالذي يريده الله ماض قادم لا ينفع معه دعاء ولا عمل.
ورضي كثير من هؤلاء بظلم الظالمين وإفساد المفسدين، لأن ما يفعلوه قدر الله وإرادته.
وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يهتموا بإقامة الحدود والقصاص، لأن ما وقع من المفاسد والجرائم مقدر لا بدَّ منه.
وقد عرض شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لهذا الفريق ومعتقده

الصفحة 73